عزيزي عبد الملك الحوثي ـ صاحب الحق الإلهي في الحكم، والإنسان في مجتمع "الشياطين"!..
بعد التحية...
استمعت إلى خطبتك في احتفال "عيد الغدير" الذي ذكرني باحتفالات البلاطجة بنجاة الجلاد وبعودته للدوس على رقابهم أيضاً، فأردت أن أخبرك بأمر لعلك تتعمد تجاهل معرفته.
إن أصعب ما يمكن أن يعانيه إنسان القرن الواحد والعشرين بل وأقسى ما يمكن أن يتخيله، هو وجوده "بالصدفة أو عبر ركوب آلة الزمن" في عصر لا ينتمي إليه.
ذلك لكل ما سيكابده وهو يحاول التعايش مع عقلية مجتمعية بالية بكل ما تحمله من أفكار متخلفة وخزعبلات عفا عليها الزمن وأصبحت تصنف ضمن الحكايات التي ترويها العجائز للأطفال.
وكذا معاناة إنسان من تلك العصور الغابرة في حالة وجوده "بالغلط" في عصر وبيئة إنسان القرن الواحد والعشرين التي لا ينتمي إليها؛ ذلك أيضاً لكل الصدمات والمشاكل التي سيواجهها وهو يحاول إيجاد مكانٍ لخزعبلاته التالفة أو أن يفرضها على عقلية تتعامل معها على أنها "نكتة قديمة وممجوجة"، نكتة غير مضحكة البتة، يموت صاحبها كمداً" وهو يحاول لفت انتباه الناس إليها.
عزيزي عبدالملك.. إننا كجيل ينتمي للقرن الواحد والعشرين، ويعيش في بيئة "محمد البوعزيزي" و"ساحات الحرية والتغيير"، قد سقانا "الربيع" حرية حتى ارتوينا، وتنصلنا عن كل ما يمت لعصور الرق والعبودية بصلة، وقطعنا الطريق على أي محاولة لاستبدادنا أو الحد من حرياتنا وعيشنا الكريم، وأصبح إيماننا بإنسانيتنا الكاملة والغير منقوصة بأي شكل من الأشكال، لا تقدر على زعزعته الهرطقات الموروثة عن عصور لا ننتمي إليها ولا نلتفت لغثائها ولا تثير اهتمامنا "نكاتها" السمجة!..
وهذا يا عزيزي, يدعونا لأن نشفق عليك مرتين: الأولى: لجهلك المطبق بأنك تعيش في وسط هذا الجيل، وعدم إتاحتك الفرصة لنفسك لتستفيد من الدروس العظيمة التي قدمها في سبيل الانعتاق والتحرر من براثن الاستبداد، كي تدرك أنه لا مكان لفكرة إعادته إلى العصر الذي تنتمي إليه خزعبلاتك، ولن يفكر حتى بعمل زيارة خاطفة لبيئة أفكارك البالية ولو لمجرد السخرية والتندر على العقول التي تؤمن بها.
والثانية: لأنك ستشاهد وتعايش فناءك لحظة بلحظة وأنت تحاول أن تجد مكاناً لهرطقاتك وأوهامك، وتلفت الانتباه لتلك النكتة الغير مضحكة التي تحكي أحقيتك وسلالتك في الولاية، ذلك على اعتبار أن سلالتكم هي الوحيدة المخلوقة من طين، وليس أي طين، فيما عداها مخلوق من نار السموم!
لقد أشبعتني جرأتك على التفوه بهذه "الشعوذات" ضحكاً.. ولعلك كنت لن تتفوه بها فيما لو أدركت أن من يسمعها هو جيل لو قدر الله وبعث إليه "علي بن أبي طالب" كرم الله وجهه، بشحمه ولحمه، ليؤكد أحقية سلالته في الحكم، فلن يزيده ذلك إلا رفضاً لهذه الفكرة البالية وسخرية منها، ولن يقبل أن يحكمه علي بن أبي طالب" بنفسه إلا عبر حزب ومشروع سياسي يتنافس مع بقية الأحزاب ويفوز بانتخابات حرة ونزيهة!..
سيكون عليك أن تصحو من سباتك وتتخلى عن هذه الأوهام، لتتمكن من البقاء وسط مجتمع لا قابلية لها فيه، ولا سبيل لك إلا أن تتخلى عنها.. لأنك عندما تستيقظ كل يوم لن تجد أمامك سوى هذا الجيل الذي يتشبع حرية وإباءً كل يوم أكثر من سابقه، فيما لن يأتي اليوم الذي تستيقظ فيه وتجد "الإمام المنتظر" وقد خرج من سردابه ليتوجك إماماً علينا.
صالح الحقب
رسالة إلى عبدالملك الحوثي 2003