وفاء التونسية تصر على الوفاء لفلسطين، لأن فلسطين ليست شأناً داخلياً تخص هذا الشخص أو ذاك المسئول الفلسطيني، فلسطين قضية أمة، أطلق الإسرائيليون النار على رأس أحد قادتها الأبطال فوق تراب تونس سنة 1988.
لقد تقدمت حركة وفاء التونسية بدعوى قضائية أمام المحكمة التونسية ضد إسرائيل بتهمة اغتيال القيادي الفلسطيني "أبي جهاد" في تونس، وتجيء الدعوة القضائية بعد أن كشفت صحيفة "ييعوت أحرنوت" عن قاتل القائد أبي جهاد، وهو قائد الوحدة الإرهابية، ويدعى "ناحوم ليفي" الذي قتل في حادث طرق سنة 2000.
فإذا كان المنطق يقول: إن حركة وفاء التونسية ما كانت لتجرؤ على رفع قضية ضد القاتل الإسرائيلي لولا الربيع العربي، وثورة الشعب التونسي، فإن الواقع يقول: إن دولة الصهاينة ما كانت لتجرؤ على استباحة أرض تونس، واختراق حرمتها، والقتل بدم بارد فوق ترابها، لولا وجود ثلة القادة العرب الذين استأجرتهم المخابرات الإسرائيلية، ووضعتهم في أعلى مراكز القيادة والمسئولية على أرض تونس، وعلى غيرها من أراضي العرب والمسلمين.
وإذا كان الوفاء لروح الشهيد أبي جهاد من شيم الكرام التونسيين، الذين تحركوا بعد أربع وعشرين سنة، بعد أن تحرروا، وطالبوا الصهاينة بدم الشهيد، فإن الواجب يملي على القيادة الفلسطينية بأن تتحرك وفاء لروح القائد الفلسطيني؛ الذي تحمل مسئولية العمل المسلح ضد الغاصبين، والواجب يملي على قادة حركة فتح بالذات، بأن يثوروا غضباً على قاتل قائدهم أبي جهاد، وقد بات معلوماً بالاسم والكنية، ولاسيما بعد أن نشرت تفاصيل العلمية الإرهابية صحيفة "صندي تايمز" اللندنية، التي أشارت إلى أن الذي أطلق الرصاصة الأخيرة على "أبي جهاد" للتأكد من مقتله هو "موشي يعلون" وزير الشئون الإستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية الحالية.
على القيادة الفلسطينية أن تثبت بأنها تنتمي إلى جيل الربيع العربي، وليس امتداداً للأنظمة العربية الساقطة، وتكون وفية لقائدها أبي جهاد بذات القدر الذي هي عليه حركة وفاء التونسية، وتشرع في زعزعة الهدوء الذي تتفاخر فيه الحكومة الإسرائيلية، والتي يشغل قاتل أبي جهاد نائب رئيس وزرائها، وعلى القيادة الفلسطينية أن تتحلى ببعض الروح القتالية التي تمتع فيها أبي جهاد، وتوقف التنسيق الأمني لمدة شهر واحد، غضباً على تفاخر الصهاينة بتصفية قائدهم، وكي يثبتوا للمستوطنين الصهاينة أن ما تقدمه السلطة من خدمات أمنية لهم، قد عجزت عن تحقيقه كل عملياتهم الإرهابية في الداخل والخارج.
وعلى القيادة الفلسطينية أن تحترم شلال الدم الذي نزف من سيرة أبي جهاد، وأن تسحب اعترافها بدولة الصهاينة، وهو أضعف رد على التبجح الإسرائيلي بتصفية القائد.
كاتب فلسطيني
د. فايز أبو شمالة
قصة وفاء التونسية مع أبي جهاد 1533