العالم كله يتابع ثلاثاء الحسم ويترقب النتائج الهامة لحدث عالمي يهم الجميع بلا استثناء، إنه اليوم الحاسم في مسار الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة الأمريكية والتي ستؤثر نتائجها في حال فوز أي من المرشحين (الجمهوري أو الديمقراطي) على المشهد السياسي الدولي بحكم تربع الهيمنة الأمريكية على المجتمع الدولي وتشابك المصالح المتبادلة بينها وبين الإتحاد الأوربي والدب الروسي وحليفه الصيني شاء من شاء وأبى من أبى، فالسياسة الأمريكية المعتمدة بدرجة رئيسة على السيطرة الاقتصادية جعلتها في مقدمة الركب.
وها نحن اليوم نشاهد العالم كيف ينقاد وراء هذه السياسة والتي تختلف من دولة لأخرى، لكن الدول العربية والإسلامية تظل النقطة الأضعف في مسار الضغط المتبادل والخاص بتبادل المنافع والمصالح المشتركة.
وبعيداً عما سبق فإن من تابع ويتابع الانتخابات الأمريكية خصوصاً الرئاسية منها يجد محطات هامة يجب أن يقف عندها المتابع العربي وقفة جادة ليعرف كم هي المغالطات التي مارستها أنظمة القمع والاستبداد ضد شعوبها؟! والمؤسف أن تلك المغالطات تمت تحت مسمى الديمقراطية والانتخابات الحرة والنزيهة، وهلم جراً من المصطلحات الفضفاضة والتي لا تمت للواقع بصلة.
التنافس الانتخابي بين أوباما وميت رومني كان تنافساً كبيراً ومحموماً جداً على أعلى سلطة تتحكم وتقود السياسة العالمية، لكنه كان تنافس الشرفاء والوطنيين وتنافس الكبار رغم حدة الحملات الانتخابية بينهما، بل لم نسمع بعبارات التخوين وكيل التهم الجاهزة والألفاظ القبيحة بينهما، رغم أنهما خاضا ثلاث مناظرات طويلة، لو كانت في مجتمع عربي كنا سنشاهد موقفاً مغايراً تماماً، بل رأيناهما يتعانقان بحرارة في مشهد يثير الشفقة على مجتمعاتنا العربية.
وفي سياق حملاتهما الانتخابية كان رومني وأوباما يتحدثان عن برامج وخطط تهم حياة المواطن الأمريكي بدرجة رئيسية ولقد شكل العامل الاقتصادي رقماً مهماً لكلا المرشحين اللذين جعلا الحياة الاقتصادية تتقدم سلم الأوليات فيما بعد إعلان فوز أي منهما، بل تحدثا بأرقام ونسب محددة عن توفير الوظائف وخفض نسب البطالة بأشياء معقولة وليس كما سمعنا في بلادنا في 2006م بالقضاء على الفقر والبطالة خلال عامين فقط.
وفي المشهد الانتخابي الرائع لم نجد استغلال الوظيفة العامة والجيش والإعلام والمال والنفوذ، بل حتى قياسات الرأي والاستطلاع كانت فيما مضى ولازالت تمتلك المهنية والحياد والمصداقية، فلذا نجد اقترابها من الحقيقة بشكل كبير جداً حينما تعلن النتائج الحقيقية للانتخابات، فيما قياسات الرأي العربية والمحلية نجدها في مواسم الانتخابات تمارس الكذب والمغالطات بغية كسب أصوات لصف هذا أو ذاك.
وعلى كل فلقد كانت الخطابات والوعود الانتخابية خلال الأسابيع الماضية تتحدث عن الرعاية الصحية والتعليم وحقوق الأقليات والاقتصاد والسياسة الداخلية والخارجية، وتباينت هموم الناخب الأمريكي بحسب ما تقتضيه الحاجة الوطنية لهم ورفع شعار أمريكا للجميع.
وبعيداً عن الإسهاب في ذلك وما أريد أن أصل إليه أين نحن العرب بوجه خاص والمسلمون بوجه عام من مثل هكذا سلوكيات أخلاقية وحضارية؟ أتمنى أن لا يفهمني القارئ بأني أريد القول بأن القيم والأخلاق الأمريكية أفضل من قيم وأخلاق الإسلام!! كلا والله فديننا الإسلامي فيه الكثير والكثير مما يمارسه المجتمع الأمريكي ومما ابتعد عنه المسلمون تطبيقاً عملياً لقيم الإسلام الحنيف وشريعته الغراء.. أتمنى أن أجد مشهداً انتخابياً عربياً أو إسلامياً يتشابه ولو بالحد الأدنى مع المشهد الأمريكي في انتخاباته الأخيرة.
وختاماً في مثل هذا اليوم الحاسم أتمنى الفوز للمرشح الديمقراطي أوباما، كون سياساته الخارجية بالنسبة لي كمواطن عربي أقل كلفة وخسارة من منافسة ميت رومني الذي يبدو من خلال متابعتي له بأنه سيكون نسخة قريبة من الرئيس السابق جورج دبليو بوش .
محمود الحمزي
الثلاثاء الحاسم بين أوباما وميت رومني 1524