لا يتمنى العرب الفلسطينيون إلا السلامة لكل شعوب الأرض، بمن فيهم الشعب الأمريكي، الذي تعرضت سواحله الشرقية للدمار جراء إعصار سدني، لأن منظر الخراب النسبي الذي خلفه الإعصار على سواحل أمريكا يبعث من الذاكرة منظر الخراب الكلي الذي لحق بالمدن والقرى الفلسطينية جراء الإعصار الصهيوني سنة 1948، وإذا كان إعصار سدني الذي يضرب سواحل أمريكا قد انجلى عن صبح غير بهيج للأمريكيين، فإن إعصار الصهيونية المدعومة من أمريكا ما يزال يضرب أرض فلسطين منذ زمنٍ، ولم ينجل بعد.
لا يملك الفلسطينيون إلا التعاطف مع الإنسان الأمريكي في هذه المحنة، ولاسيما أن الفلسطينيين قد عاشوا مرارة المحن؛ فالموت الذي حل بسواحل أمريكا بسبب زيارة الإعصار لهم، لا يختلف عن الموت الذي يسكن في فلسطين بسبب الحصار، وإذا كان الإعصار سدني قد أزهق عشرات الأرواح البريئة في عدة ساعات، قبل أن ينكسر، فإن الاغتصاب الصهيوني لأرض فلسطين قد أزهق عشرات آلاف الأرواح البريئة، ولما يزل في عنفوان القتل والتخريب.
كان مشهد اللاجئين الأمريكيين الذين طردهم إعصار سدني من بيوتهم لبعض الوقت، كان من أكثر المشاهد التي هزت وجدان الفلسطينيين، وذلك لأن الإعصار الصهيوني المدعوم من أمريكا قد شرّد مئات ألاف الفلسطينيين من بيوتهم، بعد أن اغتصب مدنهم وقراهم سنة 1948، لقد انتهى إعصار سدني، وتنفست السواحل الأمريكية الصعداء، بينما الإعصار الصهيونية على أشده فوق أرض فلسطين.
يتألم الفلسطينيون لانقطاع الكهرباء عن ثمانية ملايين أمريكي لعدة أيام، فلا يحب الفلسطينيون أن يروا شعباً على وجه الأرض يعيش بلا كهرباء، ولاسيما أنهم احترقوا من الحياة بلا كهرباء، وغرقوا في الدمع من الحياة بلا ماء يصلح للشرب، واقتلعتهم غربة الحياة بلا أرض يقيمون عليها وطنهم، بعد أن صار اليهودي يحدد نسبة الهواء الداخلة إلى رئة الفلسطيني !.
لقد انزعج العرب الفلسطينيون حين رأوا الخوف من المجهول يطل من عيون الأمريكيين، ولاسيما أن الخوف الذي استجلبه الصهاينة للمنطقة يطل على الشعوب العربية من نوافذ الليل، وهو يقصف الفلسطينيين بالموت، ويتركهم يرتجفون رعباً من الدعم الأمريكي؛ الذي أسهم في تشريدهم من بيوتهم، وشارك في ذبح أطفالهم، إنه الدعم الأمريكي الذي يدوس تحت أقدامه أزهار الحب والحنان، ويفجر بقذائفه الحديثة السلام وحدائق الأمان.
ما أهون إعصار سدني الذي ضرب السواحل الأمريكي قياساً بإعصار اليهود الذي يضرب العقول الأمريكية، ويسلبهم إرادتهم، ويتركهم عبيداً مسخرين للأهداف الصهيونية!
إننا نشفق على الأمريكيين من كل الأعاصير، ونتمنى لهم السلامة من الإعصار الصهيوني، لنشاركهم احتفالاتهم القومية بالحرية من الاحتلال اليهودي.
كاتب فلسطيني
د. فايز أبو شمالة
الإعصار الأمريكي يسحق فلسطين 1712