من الواضح أن إعلامنا العربي (الهادف) أوشك على لفظ أنفاسه الأخيرة خاصة مع موجة العولمة والاجتياح الغربي لإعلامنا العربي، لذا كان من الواجب البحث في أوراق الفِكر عن شموع أمل لإعلام هادف تتداخل فيه الفكرة السليمة والأسلوب الأمثل والوسيلة الجيدة المجدية فمتى ما تساندت وتحققت هذه العوامل الثلاث وجدنا إعلاماً واعياً وناجحاً ومُثمراً فالإعلام إذا أُريدَ أن يكون في المستوى المطلوب فيجب أن يعبّر عن فكرة سليمة ويكون هدفه نبيلاً ومع وجود الأفكار الجيدة دون أسلوب مناسب لإبرازها فالفشل مؤكد ومحتوم للفكرة والهدف المنشود وإن لاقت نجاحاً فسيكون بالاتجاه المعاكس..
لا ننكر أن إعلامنا العربي عامةً قد تطوّر عما كان عليه مسبقاً وهذا شيء طبيعي جداً نتيجة للتطور العلمي والتكنولوجي ولكنه ما زال بعيداً عن المستوى المطلوب فرغم أننا نحمل فِكراً سليماً والقرآن الكريم والسنة قد أرشدانا إلى الأسلوب الأمثل لتمثيل هذه الفِكر إلا أننا لم نصل بعد والسبب قد يكون ربما لتعثر بعض القائمين على الإعلام وتخبطهم وتأثرهم بالأفكار الغربية الشائبة التي تخلع عن إعلامنا أي تعاليم إسلامية أو ضوابط ثقافية من شأنها أن ترفع مؤشرات الوعي المجتمعي للقضايا الحياتية المختلفة...
أصبحنا نرى مشاهد وسيناريوهات للواقع مزيفة وهذا ما نُريد أن نخلق له برامج أو دراما تهدف إلى مناقشة القضايا واقعياً، بعيداً عن التكلّف والصبغة الغربية ولا ننكر وجود قوالب برامجية ودرامية تُسلط الضوء على بعض قضايانا ولكنها منفية عن أعين المشاهد العربي والتي عامة ما تزوغ نحو البرامج والدراما التافهة عديمة الفائدة.. فأصبح المشاهد يتابعها ويتنحى عن النوع الآخر والذي يناقش قضايا مجتمعاتنا وكمثال نذكر مسلسل وراء الشمس الذي يسلط الضوء على شريحة المعاقين وكيفية التعامل معهم,, وكبرامج أيضاً وجدنا المشاهد يتجه نحو برامج مصبوغة بالطابع الغربي ويحجب عن عينه وأذنه برامج أدب وثقافة عربية على سبيل المثال برامج المرأة والتنمية الذاتية التي تعرضها أغلب القنوات الفضائية ولكن نسبة مشاهدته لا تقارن مع مشاهدي برامج الواقع الشبابية التافهة...
ما زال الأغلبية يتجاهل حقيقة أن المشاهد العربي يُطبّق أكثر ما يسمعه ويقرأه دون وعي لما يستقبله ولهذا المحور وجبَ على إعلامنا إبراز الثقافة الهادفة بقوالب إعلامية متناسبة مع لغات العصر والتي من شأنها أن تجعل خط التطبيق عند المشاهد تتجه للمصب الصحيح وباختلاف وسائل الإعلام من مقروءة ومسموعة ومرئية تكون الوجهات الثقافية الهادفة فمثلاً تتجه الأقلام الناضجة لتعميق الصورة للقضايا الغائرة وترسم قواعد متبناة من أفكارهم المشرقة لبناء مجتمع قوي يحمل فِكر هادف وسواعد مشمرة للبناء طبعاً وليس للهدم وكما هو الدور أيضاً مطلوب لموجات الأثير التي تبثها الإذاعات والأقمار الصناعية فعليها أن تحمل المفيد وتنفي الضار الهادم والتي يُذعن إليها المشاهد بإراداته على اعتبار خاطئ بأنها حداثة وتطور وثقافة ولكن أي ثقافة تلك التي منبعها إعلام ضار ومصبها فساد وتستهدف عقول شبابنا وأطفالنا كونهم اللبنة الأساسية والقوية لبناء ثقافات الشعوب العربية.
هي دعوه لكل من يهمه الأمر من وسائل إعلام وإعلاميين للنهوض بالإعلام العربي الذي تُهمشه سياسات الغرب الإعلامية من أجل جعل المشاهد العربي مصبوغ بأفكار غربيه ويطبق ولا يعي ما يطبقه..
ولتكن رسالتنا (نحو إعلام عربي هادف)...
/
أحلام المقالح
إعلام و عولمة 2158