كل أبناء المعمورة يفرحون بأعيادهم و تستغلونها للراحة و الابتهاج و نسيان الألم و مشقة الحياة إلا نحن العرب و المسلمين فأن أعيادنا ـ التي خصصها الله سبحانه و تعالى للفرح و الابتهاج ـ تظل دائماً تحمل في طياتها و ذكرياتها مساحات واسعة من الألم وأمثلتنا كثيرة على ذلك و منها.. أن شعبنا الفلسطيني و منذ النكبة في عام 1948 وحتى الآن يعيش مأساة دائمة و يتعرض إلى مصيبة تلو المصيبة.. إنهم شعب مشرد و مقهور و ضعيف تتقاذفه الإرادات الخارجية يميناً وشمالاً و لم نكتفي نحن العرب أولاً بذلك و لكننا عملنا على شق صفهم و دفعهم للتقاتل و لصراع مستمر من أجل ما سموه صراع المناصب بالرغم من أن فلسطين و شعبها لا زال تحت الاحتلال الإسرائيلي.. ولا زالت فيها حكومتان في الضفة و غزة.
عند حلول أعيادنا يعصرنا الألم فهي تحمل ذكريات مؤلمة على خيانتنا لمبادئنا و ديننا الحنيف ففي فجر مثل هذا اليوم الأول من عيد الأضحى الذي باركه الله و أثناء صعود حجيج الرحمن على جبل عرفات وهم يطلبون الرحمة و المغفرة و العفو, قامت شلة قذرة من خونة الأمة و الوطن و التي ساعدت و دفعت الغزاة البغاة على احتلال بغداد حاضرة العرب و بإيعاز من القوات المحتلة و أسيادهم في قم و طهران بإعدام رمز العراق الأول و رئيسه الشرعي و الذي أسرته القوات الغازية في وقت سابق.
و منذ يوم إعدامه و أبناء العراق الشرفاء الأصلاء يتذكرون هذه الجريمة الشنعاء في عيدين مهمين وهي ذكرى ارتكاب هذه الجريمة وهو مطلع عيد الأضحى المبارك و عيد رأس السنة الميلادية و التي يحتفل فيها كل سكان المعمورة, أي أن هذا الألم شمل المسلمين و باقي الأطياف و الأديان الأخرى و هي حالة من الحالات النادرة التي يتوحد فيها التوقيت العربي مع التوقيت الميلادي, ففي عيد الأضحى يتذكر العرب و العالم و خصوصاً شعب العراق هذه الجريمة و في احتفالات رأس السنة الميلادية يتذكرها العالم أيضاً مما يسبب ألماً للملايين من المواطنين و تعكر فرحتهم التي يفترض أن تتحقق في مثل هذه المناسبات..
و العراقيون بصورة عامة لم يشعروا بفرحة العيد و إنما يتخذون هذه المناسبة لزيارة قبور أولادهم و من دانته المينية و الكثير من أصحاب هذه القبور قضوا من جراء العمليات الحربية للاحتلال و الجرائم الإرهابية التي ارتكبتها العديد من العصابات و المليشيات و المنظمات الإرهابية منذ الاحتلال حتى يومنا هذا..
ففي هذا العام وخلال أيام عيد الأضحى المبارك فلا زال الكثير من غوائل الشهداء الذين سقطوا في جرائم القصف و التفجيرات و الاغتيالات التي شهدتها العاصمة العراقية خلال الأيام القليلة الماضية و خاصة في مدينة الشعلة أو الكاظمية و العامرية و المنصور لم ينهوا بعد مراسم عزائهم بشهدائهم.. ولا زال البعض لم يجد مأوى يؤويهم بعد أن تضررت مساكنهم بفعل هذه الأعمال الإجرامية الشنيعة..
كما أن سوريا و الأحداث الدامية فيها و سقوط الآلاف من القتلى من أبناء هذا الشعب و من كل أطيافه السياسية و الدينية فإن العيد لن يمر بأغلبية هذا الشعب و كذلك ما يحدث في ليبيا التي تشهد مجازر عنيفة و محاولات لارتكاب جرائم تصنف من جرائم الإبادة الجماعية و خاصة في مدينة بني الوليد..
و كذلك ما يحدث في السودان و الصومال و اليمن و غيرها كما أن الشعوب الإسلامية ليست بأفضل و ضع من الشعب العربي و ما نراه الآن في إيران و الجرائم التي ترتكب بحق المعارضة الإيرانية و حملة الإعدامات المستمرة منذ بداية ما يسمى بالثورة الإيرانية و حتى الآن و الحصار الذي يعاني منه هذا الشعب الذي جعل المنطقة على شفى حفرة من حرب ضروس تشتعل في جميع المنطقة و أن الملايين من سكان منطقة الشرق الأوسط سيصيبهم الضرر من جراء ما ستنتجه هذه الحرب إن وقعت..
فهل سنرى يوماً عيداً يفرح به الجميع ؟؟
* كاتب فلسطيني
أحمد الدليمي
و عاد العيد يرافقه الألم 2061