كانت و ظلت ولم تزل قضية الإسكان والحصول على مجرد سكن عائلي "متواضع" حلم يراود كل منتسبي المؤسستين العسكرية والأمنية في اليمن بشماله وجنوبه منذ ما قبل وحدته في الـ"22 مايو 1990م" وحتى اليوم ولما يقارب من " 50"عام مضت من عمر الثورة اليمنية "26 سبتمبر 62م و "14 أكتوبر 63م " كانت مجرد أحلام وهمية تستخدم للمزايدات الإعلامية بين عهد وأخر , وبين كل مناسبة وأخرى.
رغم ما قدمته هاتان المؤسستان الوطنيتان الرائدتان ومنتسبيها الأبطال من تضحيات جسام , خلال مراحل الأعداد والانطلاقة للثورتين في الشمال أو في الجنوب, أو خلال مراحل الدفاع عنهما وتحقيق الوحدة اليمنية.
وكان الجيش اليمني الباسل ـ بما حفل سجله الكفاحي من بطولات عظيمة ـ ستظل خالدة مشرقة وضاءة في مدونات المجد الكفاحي والشموخ والإباء الوطني, يكاد الوحيد من بين معظم جيوش الوطن العربي والعالم , الذي همش منتسبوه الاماجد , رغم التضحيات الجسيمة التي قدمها وما زال يقدمها هولا الجنود المجهولين كما درجت العادة على تسميتهم , من " دافعي ضريبة الدم " من أبطال المؤسستين العسكرية الأمنية المغاوير, مقارنة بنظرائهم من العسكريين والأمنيين الأشقاء والأصدقاء, الذين شيدت لهم ولعائلاتهم في بلدانهم المدن العملاقة والمجمعات التجارية والصحية والسياحية والتعليمية الفاخرة, التي تنافس أضخم وأرقى ما تحقق من مكاسب وطنية مجيدة في تلك البلدان.
وكان من حظوة منتسبيها لقاء ما يقدمونه ويجترحونه من تضحيات جسورة في شتى ميادين البطولة والأقدام والعطاء والإبداع المتعدد المواهب, أن يقلدون بأرفع الأوسمة والنياشين , ذات القيمة المعنوية والمادية العالية, التي يفاخر بها أبطال معظم جيوش العالم, وهي تزين صدورهم التي يتباهون بها وعائلاتهم وذويهم المقربين.
وفي اليمن, لا ندري مع الأسف الشديد, ما هو قدر منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية في هذه البلاد, وحظ منتسبيها السيئ في مفارقة عجيبة بين جيوش صديقة وشقيقة من أولويات الانتماء إلى الخدمة العسكرية والأمنية في تلك الجيوش البحث عن خيارات الامتيازات التي سينالها هؤلاء المنتسبين من امتيازات السكن المناسب والقروض الميسرة والاحتياجات الأخرى بالتقصيد المريح والتطبيب المجاني والتعليم الراقي لأولادهم وذويهم والمقربين منهم, وبين منتسبي الجيش اليمني الذين يبدأون بالتفكير بمحاولة تأمين مستقبل السكن المتواضع لعوائلهم عند نهاية خدماتهم الوطنية, يوم مغادرتهم الخدمة العسكرية مكرهين ,سواء كانوا اختياريا أو إجباريا منكسري الرؤوس ومحبطي الطموح والأحلام التي تبددت في الهواء بعد هذا العمر الطويل الـــخ! بدلاً من أن تقام لهم الاحتفالات التشريفية البهيجة وينال كل منهم ما يستحقه من التكريم والعرفان بالجميل.
ومن المؤسف له أن معظم من تعاقبوا على قيادة المؤسسة العسكرية والأمنية ومن تولوا قيادة البلاد , هم من العسكريين والأمنيين, وهم من خذلوها مع الأسف الشديد, وهم أكثر من وعدوا ـ في خطاباتهم وفي كل المناسبات التي درجوا على الظهور والخطابة فيها ـ بما عرف وتكرر العهد والوعد به بـ" تحسين المستوى المادي والمعيشي والصحي " لمنتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية, وهي العبارة الفظفاظة التي كانت ترد في كل خطاب وفي كل مناسبة, إلى درجة أنها كانت تمثل مدعاة للسخرية والازدراء في الأحاديث السفسطائية الساخرة التي يتبادلها العسكريون فيما بينهم و كلما تجدد ذكرها أو سماع الوعد بها !
ولكن للإنصاف والعدل كانت التجربة الجنوبية أكثر اهتماماً بمنتسبي المؤسستين العسكرية والأمنية, وإن كانت شحيحة الإمكانيات ومحصورة على خريجي المعاهد والكليات من الضباط وحملة الشهادات العليا ولذوي المواقع القيادية المتقدمة , حيث شيدت المدن والتجمعات السكنية الخاصة بالعسكريين والأمنيين في معظم أحياء عدن والعند وعتق وحضرموت والمهرة وغيرها, بتمويل وأشراف "دائرة الإمداد والتموين" للقوات المسلحة الذي كان يتولى قيادتها وزير الدفاع الحالي "اللواء الركن/ محمد ناصر أحمد وبرعاية نائب رئيس هيئة الأركان العامة "الرئيس الحالي والقائد الأعلى للقوات المسلحة " فخامة الرئيس/ عبد ربه منصور هادي.
إضافة إلى غيرها من المؤسسات والمنشآت السكنية والخدماتية العامة كنوادي الضباط وعنابر سكن الأفراد وما يقدم لهم من عناية متميزة وخدمات خاصة أخرى, كتسهيلات القروض المالية الميسرة وتوفير احتياجات العسكريين من المواد المنزلية والغذائية التي كانت متاحة لجميع منتسبي القوات المسلحة والأمن عبر صندوق الشئون الاجتماعية والتجارة العسكرية "دكان الجندي" وغيرها من الامتيازات الأخرى, التي اختفت بعد تحقيق الدمج بين الجيشين, والتي كان يأمل الناس في تطويرها وليس تدميرها كما جرى عقب حرب 94م المؤسفة.
واليوم ونحن نتطلع إلى أهم أولويات فخامة الرئيس/ عبد ربه منصور هادي ووزير الدفاع اللواء الركن / محمد ناصر أحمد وجهودهم المخلصة لإعادة هيكلة الجيش اليمني وإعادة تموضع وانتشار القوات المسلحة وعلى أسس وطنية حديثة تستجيب والمهام الدستورية لهذه المؤسسة الوطنية الرائدة, وكلنا نعلق آمالاً كبيرة أن ينال هذا الملف الحيوي الهام قدراً كبيراً من الرعاية والاهتمام من قبلهما لتفعيل عمل "صندوق الإسكان العسكري" الذي كان الفضل في ولادته لمجموعة من الضباط الوطنيين الشباب ممن حملوا على عاتقهم مسؤولية هذه المهمة الوطنية والإنسانية النبيلة والذي لقي مشروعهم الحيوي الاستجابة والرعاية من قبل اللواء الركن / محمد ناصر أحمد الذي سعى جاهداً ومشكوراً على استصدار القرار الجمهوري رقم "4" لعام 2009م الخاص بإنشاء " صندوق الإسكان العسكري" وتشكيل مجلس أدارته برئاسة وزير الدفاع.
هذا الجهد الوطني النبيل يعد مشروعاً وطنياً عظيماً يستحق أن يحاط برعاية واهتمام فخامة السيد الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة المناضل/ عبد ربه منصور هادي ليتولى مسؤوليته الوطنية والتاريخية في حمل هذا المشروع العظيم على عاتقه والدعوة إلى عقد مؤتمر وطني برعايته ومشاركة الغرفتين التجاريتين في عدن وصنعاء ودعوة رجال المال والأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب لبحث ما لدى القائمين على أدارة صندوق الإسكان العسكري من وثائق حقوقية وقانونية وخطط اقتصادية ومشروعات إنشائية وخدماتية واسعة المجالات العريضة القابلة للاستثمار وضخ رؤوس الأموال وتدشين عملية البدء بهذا المشروع والانجاز الوطني والتاريخي الهام.
الذي نأمل له النجاح أن يرى النور عما قريب وفي عهد فخامة الرئيس/ عبد ربه منصور هادي ـ رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة الذي بمقدوره ـ وبمساعدة وزيري الدفاع والداخلية ـ أن يحسن الاستغلال الأمثل لما تبقى وما سلم من عبث السماسرة, من أراضي ومنشئات القوات المسلحة حتى نضمن لهذا الحلم الكبير أن يتحقق وتتحقق معه أحلام ظلت تراود أجيال وأجيال من منتسبي هذه المؤسسة الوطنية الرائدة وهذا ما يتمناه ويحلم به كل منتسبيها الأبطال
علي منصور أحمد
نعم.. يستطيع الرئيس هادي ! 1966