يصنع حجيج بيت الله الحرام مشهداً تغشاه روحانية العبادة وقدسية الأرض هي مكة، موطن أول بيت وضع للناس، فيمتد المشهد ليصل إلى كل أسقاع الأرض يغشاها عبادة وفرح، وهاهي عدن ـ كغيرها من بقاع الأرض الإسلامية ـ ترتدي ثياب نسك وتفتح أبوابها مشرعة تتسع لجميع زوارها تستمد من قدسية مكة روح التعايش، ومن صفوف الحجيج دروس الإخاء وقيم الوحدة، لا تعارض فيما يصدحون به من تكبير وتلبية، همهم رضاء الرحمن والثناء عليه.
وبتلك الروح تحتفل عدن بعيد الأضحى المبارك وتستقبل زوارها في ظل وضع مستقر يتيح للجميع الابتهاج بعيداً عما ينغص أمنهم واستقرارهم، ولا قلق هنا البتة طالما والجانب الأمني يواصل تحسنه وتزداد الأوضاع تقدماً للأمام, رغم أن طموحنا اكبر ونفوسنا تتطلع لسرعة الانجاز لنصل إلى مستوى لا يبقى فيه لصوت طلقة رصاص في مكان من عدن، مع ذلك ما يزال الطريق أمامنا ممهداً للوصول لغايتنا النبيلة وتحقيق تلك التطلعات، ولن يتأتى ذلك إلا بتكاتف الجميع هنا في عدن، فالأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع، وبتعاوننا نصنع محضناً آمناً يؤسس لقيم السلام ومرتكزات الدولة المدنية.
وجميل أن يطل علينا هذا العيد ومدينتنا تعيش استقراراً في خدماتها ويحتفل أبناؤها بعيدهم بعيداً عن انطفاءات الكهرباء التي أضحت اليوم تعمل بشكل مستقر وبصورة متواصلة على مدار الساعة دون مشاكل الانطفاءات التي كنا نعاني منها واستطعنا ـ بفضل جهود الجميع ـ تجاوز تلك المحنة، مؤملين التخلص منها بشكل كلي ليأتي الصيف القادم لا يحمل معه هم الكهرباء ومتاعبها.
ومثله الماء لم يعد اليوم هماً مؤرقاً بقدر ما أصبح محط اهتمامنا كخدمة نسعى لتحسينها بشكل أكبر متى ما تعاون معنا مواطنونا الأعزاء لنؤمن معاً قطرة الشرب ليس لليوم فقط ولكن للجيل القادم كمسؤولية أخلاقيه يجب أن نستشعرها جميعاً وليصبح قولناً مقرون بالعمل..
وأدرك أن الكل يؤمن بأنه من غير تكاتف وتعاون لن تتطور المجتمعات، ومن غير الأخذ بيد المسيء وإيقاف العابثين بوطننا ومدينتنا ـ وخصوصاً فيما يعكر السكينة العامة ـ لن نصل إلى طموحنا القائم على جعل محافظة عدن عاصمة اقتصادية وتجارية بكل ما يعنيه هذا الوصف وما يحتاجه ليصبح واقعاً وليس مجرد طموح فقط.
إن مما يجب أن أشير إليه هنا ـ تزامناً مع عيد الأضحى المبارك ـ حرصنا على صون كرامة ودماء مواطني المدينة ولن نسمح أبداً بتحويلها إلى ساحة عنف أو مأوى لعصابات إجرامية.. وبالمقابل لن نرضى أن يتحمل الأبرياء الثمن مهما كان، بل إننا نطمئن المواطنين أن أي أنفس بريئة أزهقت دون ذنب سيجري التحقيق في ملابسات ما حدث لها وسنتخذ الإجراءات اللازمة وفقاً للقانون.
عدن جميلة بنفوس أبنائها الطيبين، وعلينا أن نجعل من هذا العيد فرصة لجعلها أجمل بالمحبة سلوكاً يزيل عنها ركام الكراهية فتعاملنا مع زوارها سواء من محافظات الوطن المختلفة أو الأجانب بسلوك راقى سيجعل منها محط جذب للسياح والمستثمرين وبالتالي سيساهم في خلق بيئة اقتصادية تخدم المدينة وأبنائها.. وعيد مبارك وكل عام والجميع بخير.
م. وحيد رشيد
عدن بحبها تكتمل فرحة العيد 1837