تتكاثر الخطى على أبواب الأسواق لشراء الأضحية، فتسعد البعض وتنقلب الأخرى كسيرة وعشرون ألف ريال لا تكفي لشراء أضحية صغيرة، ناهيك عن مشاعر الأسر البسيطة ذوي الدخل المحدود، إضافة إلى الأسر الفقيرة التي لم تجد ما تطعم به صغارها من لحم الدجاج وليوم واحد في العام فما بالك بالأضحية.
معانة بعضها فوق بعض ومسافات من الآلام منزعجة الدروب.. ومطالب حياتية قاسية تصطلي بنيرانها المشاعر المرهفة، فالأوضاع وإن بدأت تتحسن فما يستطيع أحدنا أن يتغلب على متاعب ما ورثناه من نظام سابق تعذب بناره حتى العذاب وليست الأضحية مقياساً للعناء، فحسب فكل ما يلزم الأضحية من مقدمات أساسية كالزيت والغاز.. الخ.
يشيب القلب لأسعارها الملتهبة خاصة في محيطنا نحن البسطاء، فكيف بشريحة البائسين ناهيك عن الكساء وفواتير الماء والكهرباء وجعالة الأطفال.
ولا داعي لنبش الأوجاع فكلنا يجب أن يفرح في العيد وإذا انقطعت أسباب الفرح، فمتى نفرح؟! فالأسر الكبيرة التي فقدت عائلها في سبيل الحرية تريد أن تفرح والأصوات العالية والهمم الرفيعة في الساحات يحبون أن يفرحوا، ولكـن متى؟!.
صحيح أن آمال عريضة عقدناها على شرفاء الوطن وأن سقوط الماضي الأسود كان ميلاداً لنا وانعتاقاً لما نحلم به، لكننا كنا نتمنى أن نفرح بالعيد وقد توحد الجيش وكيف نفرح ومقدرات الوطن ومصالحه الهامة ما زالت على جرح نازف، فما من يوم يمر على الوطن إلا وهنالك قنابل موقوتة تسلب منا فرحتنا كل يوم، فهنالك اغتيالات وتقطع ونهب وخيانة ومؤامرة تشوه فرحتنا وتهدد نسيجنا الاجتماعي.
ومن سرق ابتسامتنا لعقود ما زال يحيك الدسائس من وراء الستار ويدير المؤامرة ..
بين يدي عيد الأضحى... يحن المسافر من غربته إلى مسقط رأسه فمنهم من صادف عملاً ووفر ثمن الأضحية ومنهم من لم يصادف عملاً بسب تدني فرص العمل فهل سيفرح بالعيد؟ وما هو شعور أبنائه المتربصين بقدومه؟ وما حالهم وهم ينظرون إلى أطفال المترفين بألوان الكساء وصنوف الرفاهية وهذا ما يدعونا إلى التشابك كالبنان كوننا جسد واحد.
بين يدي العيد يقطر القلب دماً لجراح موصولة النزف.. يعيش مأساتها شعب سوريا الشقيق، فهل لهم عيد والبسمة ذبلت في ثغرهم الجريح وخطوط حمراء تحوطهم من كل جانب وبأي قلب سيفرحون حين يمر عليهم بكابوسه ولا يراهم الفجر إلا في التراب مآسي وآلام ودموع بطول السماء وشلالات الغمام تعانيها الدول المتحررة من طواغيت العصر جراء فترة المخاض صوب ميلاد جديد .
بين يدي العيد.. تصرخ الأقليات المسلمة في بورما، وتتوجع مقدساتنا، وفلسطين تمسك قلبها في كف وتمسح دمعتها بالكف الأخرى وتنظر بحرقه وتسأل وتستغيث ..
وأخيـــــــــــــــراً :
يتحتم علينا أن نفرح ولو بنصف ابتسامة، فالأمل يداعبنا برونقه ويرسم بفرشاة العزة ملامح لمستقبل يحق لنا فيه أن نفرح بالعيد وقد التأمت الجراح من جسدنا العربي والإسلامي.
أديب الحميدي
بين يدي عيد الأضحى المبارك 1849