التفوق الإيماني والسمو الروحاني مطلب مهم في حياتنا كبشر نخطئ ونصيب،بل هو النجاح ذاته، ولا قيمة لوعي وثقافة لا يعيش أصحابها ذلك الجو المفعم بحب الله تعالى، المتطلع من خلاله الوصول إلى المقامات العلياء هناك ـ حيث النعيم الأبدي، والحياة الخالدة، كم نحتاج ونحن نعيش التغيير اليوم إلى التوقف مع أنفسنا قليلا فننظر مدى قربنا وبعدنا من عالم الروح ـ عالم الخير، باعتباره الطريق الأمثل إلى إبراز تلك الحياة الجميلة التي تنشدها أمتنا من ذلك التغيير، ونحن في بداية الطريق نحو النهضة الشاملة لمجتمعنا اليمني وأمتنا العربية عموماً يجب أن يكون في تصوراتنا كنخبة هو الوصول إلى الانتقال بتلك الجماهير الشعبية ـ أو قل أغلبيتها ـ من دور المتأثر إلى دور المؤثر، ومن مرحلة التفرج واللامسؤولية، إلى مرحلة الشراكة والفاعلية في رسم السياسات، وصنع القرار، بأي شكل من الأشكال، بمعنى آخر: الوصول بها إلى ثقافة التعرف على الحقوق،والمطالبة بها، وإدراك الواجبات،والالتزام بها، والشعور بالمسؤولية المستمرة في ضرورة الارتقاء والتطوير التي ينشدها الجميع،
بالطبع فالوصول إلى مقام كهذا يتطلب البدء بالعمل شيئاً فشيئاً بما يتوافق وأبعاد المرحلة ومراعاة تراكماتها، واعتبار العقلية الجمعية المؤسساتية في ذلك، العقلة الذرائعية أحد العوامل المهمة في تخلف الوطن العربي لعقود مضت، حيث كانت تركز على لغة التبرير،والتنصل من أي تبعات حدثت وراء كل إخفاق، ملقية اللوم بذلك على الآخر الداخلي،أو الخارجي،ـ الذي قد يكون أحد العوامل المؤثرة،ولكن ليس بنفس الصورة التي تتصورها تلك العقلية ـ،وهو ما يعني اليوم التحلي بروح النقد والمكاشفة، للذات ومع الذات،فينطلق الجميع صوب التصحيح والبناء من خلال أيدلوجيات واضحة، وسياسات عملية ممكنة، بدلاً من الاستغراق في نظرية المؤامرة، والهروب إلى فضاء الدعة، والتخلي عن مسؤوليات ألقيت على عاتقنا كبشر، وبذلك ستتحقق النهضة الشاملة لوطننا العربي، وأمتنا الإسلامية عموماً،.
4 ـ المستقبل الأفضل الذي ينشده الجميع، الطريق الموصل إليه يتطلب منا كنخبة سياسية،وفكرية ـ الجميع على حد سواء ـ إعادة تشكيل العقل بما يتوافق والوعي الذي أحدثته ثورات الربيع العربي اليوم، ومن ثم بناء تصوراتنا من خلال قواعد ومعالم تنبثق من عمق تلك الصحوة التي وصل إليها الجميع، وعلى ضوئها،بما في ذلك مراعاة كآفة الجماهير،التي كانت عاملاً مؤثراً في إحداث ذلك، وإن أي تخطيط أو تفكير ينطلق أصحابه في قراءتهم للمستقبل من خلال عقلية ما ضوية تقليدية أعتقد أنه سيصطدم مع أقرب نقطة في طريقه،ما يجعله في انحسار وضبابية الوقت تلو الآخر، وعمل أصحابه إلى الأفول أقرب منه إلى الزهو،وتقدم ولكن إلى الخلف.
* المسؤول التنفيذي لحركة الحرية والبناء السلفية.
محمد أمين عز الدين
معالم على طريق النهضة ( 2 ) 1782