كم نحن بحاجة اليوم إلى ثقافة شمولية تعلي من شأن العقل الإنساني فيكون أداة بناء وإعمار، وأكثر وعياً وفاعلية سيما بعد أحداث الربيع العربي وما أفرزته من مستجدات تستدعي عمل نقلة نوعية لمنطقتنا العربية على أساس الفهم الرشيد لما حدث ومن ثم الانطلاق صوب البناء والعمل، وهنا ومن خلال هذا العنوان الذي سيكون بمثابة السلسلة لإضاءات متعددة كنت قد نشرتها في صفحتي على الفيسبوك على هيئة خواطر حاولت من خلالها تسليط الضوء على أهم المعالم التي ينبغي علينا إعادة النظر فيها ومراعاتها في طريقنا إلى النهضة المنشودة، ولأهميتها فسأعيد نشرها هنا، وكلي أمل أن ينفع الله بها كل غيور ومخلص لأمته:
1 ـ انتصارنا على أنفسنا أعظم انتصار له ما بعده من الصلاح والإيجابية، والمتعثرون في طريق ما، قل من يعود منهم إلى رشده فيقف مع نفسه لحظات مصارحة ومكاشفة ليواصل المسار ويجدد النية على أسس قويمة،ومرتكزات صادقة.. هكذا هو منهج الله في عباده، فلا محاباة لأحد مهما علا شأنه وكانت منزلته !، وهل قوله تعالى (قل هو من عند أنفسكم) مخاطبا أصحاب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بعد هزيمتهم في أحد، إلا بياناً واضحاً لضرورة التغيير في الأنفس؟... بالطبع نعم، فكم نحن بحاجة إلى هذا السلوك اليوم أفراداً وجماعات كخطوة شائكة بين يدي تحقيق النجاح لأنفسنا وأمتنا عموماً، وبدون ذلك فالتأرجح والإخفاق حليفنا.
2 ــ إن قراءة الأحداث التي مرت بها المنطقة العربية، وتمر بها اليوم بسطحية،والتعامل معها من أبراج عالية وتأفف، في تصوري تصرف غير مسؤول ينبئ عن قصور في التفكير والتحليل، وهو أشد خطأ إذا كان ممارسة ذلك تحت مسمى الدين، وأن ما حدث لا يعدو أن يكون مجرد فتنة وقعت بين المسلمين أنفسهم، ولن تؤدي إلا إلى تفرقهم وتربص العدو بهم، والأولى فيها هو الانعزال، والتجنب.
أقول: يجب أن يدرك أصحاب تلك النظرية أن ما حدث ليس أمراً عفوياً وقع ليختفي بإخماد هذا أو ذاك كما تصوروا، وإنما لله فيها سنناً تضبطه وتحكمه، وقيادة توجه مساره وتحدده،وهو بداية حتمية لمرحلة جديدة لها طابعها الخاص من أعلى الهرم في الأمة العربية إلى أدناه، وهو ما يعني استعادة الدور الريادي لأمتنا الإسلامية عموماً، فتكون خير أمة أخرجت للناس.
3 ـ اللامسؤولية في قراءة الواقع بعمق وموضوعية..التي تبدو في تحليل الكثيرين اليوم، وقراءاتهم،في تصوري يعود السبب في ذلك إلى طبيعة مشاريعهم القائمة في أغلبها على أهداف غامضة، أو انحصارها في مجال معين،أو كونها مجرد كلام مجمل لم يتعد أصحابه الإطار التنظيري إلى الإطار العملي،وتنزيلها على هيئة برامج وخطوات ملموسة، هذا وغيره جعلهم أقل الناس تفاعلاً مع الواقع، والنأي بأنفسهم عن مواطن الحدث وصنع القرار والمشاركة فيه، والاكتفاء بدلاً من ذلك بدور المراقب، والمتفرج من بعد، وكأن أمراً لا يعنيهم.. هؤلاء للأسف يعانون من عقدة نفسية يجب التخلص منها أولاً، ومن ثم التوجه لإعادة صياغة مشاريعهم بما يتوافق ومستجدات المرحلة اليوم.. وعند ذلك بإمكانهم تقديم شيء من شأنه خدمة المصلحة العليا لوطنهم وأمتهم عموماً.
* تنويه:
كانت "أخبار اليوم" في عدد يوم الخميس الماضي قد نشرت لي مقالاً بعنوان: "القائد العظيم والرجل الإنسان".. وهنا أشير إلى أمر وهو أني لست رئيس حركة الحرية والبناء السلفية وإنما المسؤول التنفيذي لها، هذا حفاظاً على العمل المؤسسي، والمضي وفق خطوات أكثر وضوحاً ومسؤولية، وما حصل ناجم عن خطأ غير مقصود من قبل المكلف بالنشر في الصحيفة ليس إلا.
* المسؤول التنفيذي لحركة الحرية والبناء السلفية