رئيس البنك المركزي الأوروبي سبق وأدلى بتصريحات مطمئنة هدفت لتهدئة التوتر في الأسواق وأتاحت لأسبانيا وإيطاليا تمويل دينهما بنسب فوائد شهدت ارتفاعاً حاداً، غير أن الأسواق التي تطالب بإجراءات عملية ملموسة وتنتظر مدريد التي سبق وأن حصلت من شركائها على وعد بتقديم مساعدة قد تصل إلى "100" مليار يورو لقطاعها المصرفي، نتائج عمليات تدقيق مالي حتى تتمكن بناءً عليها من تحديد المبلغ الذي ستحتاج إليه بنوكها في نهاية الشهر التاسع على الأرجح.. غير أن إسبانيا قد تضطر خلال الفترة المقلبة إلى طلب إنقاذي مالي شامل تحسباً لشهر أكتوبر الذي ستواجه فيه استحقاقات ديون بقيمة "26" مليار يورو، وفي وقت يترتب عليها مساعدة مناطقها بدءاً بكاتالونيا التي طلبت من الحكومة المركزية مساعدة بقيمة "5" مليارات يورو، ومن أجل دعم دول منطقة اليورو والتي تواجه صعوبات اقتصادية.
يمكن الجزم بأن منطقة اليورو تتنفس الصعداء بعد إعلان البنك المركزي الأوروبي خطة شراء السندات الحكومية القصيرة الأجل، وقابل المستثمرون المبادرة بارتياح من خلال الإقبال على شراء الأسهم، وتتيح الخطة للدول التي تواجه صعوبات في الاقتراض من أسواق المال التوجه صوب الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي والبنك المركزي للحصول على ديون بأسعار متدنية، والقرارات التي أعلنت تساعد على استعادة ثقة المستثمرين في السندات الحكومية وتعزز سير الآلية النقدية داخل البنك المركزي، لكن شراء البنك المركزي سندات الحكومات المأزومة في إسبانيا وإيطاليا وغيرها سيتم بعد تنفيذ الحكومة المعنية شروطاً مسبقة تتمثل في وجوب تقدمها بطلب الحصول على القروض من الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي، وتقتضي الخطة الجديدة تولي صندوق الاستقرار الأوروبي شراء السندات في المرحلة الأولى من إصدارها، والصندوق بدوره يشتري سندات الديون السيادية بعد موافقة مؤسسات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد على خطة إصلاحات هيكلية وسيتدخل البنك فقط لصالح الحكومة التي تنفذ الإصلاحات المتفق عليها، حيث تنفذ تحت إشراف خبراء الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد، وتعد الخطة الجديدة الثانية منذ 2010م حين كان البنك قد وضع برنامجاً لشراء سندات يونانية.
أسواق المال قابلت قرارات البنك المركزي بارتياح كبير تمثل في ارتفاع الأسهم في أوروبا والولايات المتحدة على رغم الاعتراضات التي كان أبداها المسؤولون في البنك المركزي الألماني وفي سوق الديون انخفضت نسبة الفائدة على القروض الطويلة الأمد لإسبانيا إلى ما دون 6% وتراجعت نسبة الفائدة المرجعية للقروض لأجل عشر سنوات لإسبانيا وإيطاليا.
ويختلف المحللون في تقويم أبعاد خطة تدخل البنك المركزي الأوروبي، حيث يرى أحدهم أن خطوة البنك توفر السيولة وتنقذ صدقية الحكومات وعليها الآن إقناع أسواق المال باستدامة الاتحاد النقدي، وأن البنك قام بواجبه وعلى السياسيين تحمل مسؤولياتهم، وأن منطقة اليورو تحتاج إلى سيولة وصدقية وقدرة على تسديد الديون.
هامش:
الاتحاد الاقتصادي 2/9/2012.
الحياة العدد (18054) 8/9/2012
الاتحاد العدد (13576) 5/9/2012
///////
د.علي الفقيه
شراء السندات من قبل المركزي الأوروبي هل يحسم التوتر؟! 2007