إن ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م هذه الذكرى العطرة، إنها ثورة تحررية في تاريخ اليمن المعاصر، حيث قامت لتشكل الأمل الوحيد في التخلص من الاستعمار البريطاني الذي دام فترة طويلة والثورة لم تأت من فراغ بل نتيجة لمعاناة مختلفة وفقدان للسيادة الوطنية على أرضنا وتحكم الإنجليز بمواقعها الإستراتيجية الهامة.. ولهذا فإن ثورة 14 أكتوبر ثورة تستمد منها القيم الوطنية ومن البديهات أن ثورة الرابع عشر من أكتوبر ما كان لها أن تقوم لو لم تسبقها ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وتهيئ لها المناخ المناسب وكذلك العكس بأن ثورة السادس عشر من سبتمبر ما كان لها أن تنتصر وتتغلب على التحديات الخارجية لو لم تقم ثورة الرابع عشر من أكتوبر بالمساندة اللازمة لها وردع الاحتلال البريطاني من المشاركة في الإجهاز على ثورة سبتمبر وبغض النظر عن واحدية الثورة فإنه بدون الثورتين معاً ما كان للشعب اليمني أن يتحرر من انحلال العبودية والطغيان والاحتلال وما كان للوحدة الظافرة أن تتم ويستعيد الوطن المشطور كيانه الأزلي الواحد.
إن من أهم الظروف الموضوعية التي مهدت ولعبت دوراً كبيراً في خلق الوعي الوطني القومي وأيقظت الشعور لدى الجماهير بالظلم من حكم الاستعمار، كان قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 م التي غيرت مجرى النضال ضد الاستعمار في الجنوب وقد خلفت في عدن ظروفاً هيأ ومهد وأوجد مناخاً في مقاومة الاحتلال لقيام ثورة 14 أكتوبر، حيث ظل يقاوم لمطاردت الاحتلال البريطاني واستمرت المقاومة لمدة عشرات السنين حتى عام 1963 م الذي حقق انتصار على المستعمر البريطاني..
إن الشعور الوطني والحماس الجماهيري الملتهب الذي دب في نفوس المواطنين في كل الجنوب بعد قيام ثورة سبتمبر لا يمكن أن يعطي حقه في عنفوانه وتأججه وصدق المشاعر والحماس المنقطع النظير.. إن المؤرخ لهذه الفترة التاريخية من تاريخ اليمن لا يستطيع أن يسجل بكل دقة متناهية موقف الجماهير أثناء وبعد قيام ثورة سبتمبر العظيمة، ذلك الموقف الذي يتميز بالسعادة الفائقة والحب الشديد لثورة وثوار 26 سبتمبر المجيدة..
هذه العوامل التي ذكرتها آنفا أفرزت في المجتمع حالة واسعة من النشاط السياسي، فقد بدأت تشكل أحداثاً سياسية ونقابات عمالية وغيرها.
وقد استطاعت الجبهة القومية أن تعلن وتقود الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني لعاملين رئيسين:
1- علاقة الأمانة العامة لحركة القوميين العرب في بيروت بالرئيس جمال عبدالناصر، حيث طرحت على الرئيس جمال عبدالناصر رغبة الجبهة القومية في الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب.
2- تنظيم الحركة في الجنوب والذي استمر بناؤه أكثر من خمس سنوات، حيث تلقى أعضاؤه فكراً قومياً ووطنياً وتدريباً عسكرياً واتخذت الجبهه القومية مقراً لها للتصدي لهذا المستعمر وقد كانت قيادة الجبهة مكونة من الأحرار التالية اسماؤهم:ـ
البطل الشهيد/ راجح غالب لبوزة – فيصل عبداللطيف الشعبي – علي أحمد السلامي
قحطان محمد الشعبي – سيف الضالعي وغيرهم.
حيث سجل شعبنا أنصع صفحات الكفاح المسلح ضد المستعمر من قمم جبال ردفان الشماء.
رئيس منتدى الوحدة الثقافي ـ إب
محمد حمود الخولاني
مسيرة خالدة ..... 1846