دعا رئيس البنك المركزي الأوروبي إلى تعزيز الإشراف على مصارف الاتحاد النقدي.. البنك المركزي الأوروبي وجد نفسه سريعاً على الخط الأول، لأن "مجموعة أوروبا" سرعان ما جردت من امتيازاتها من ورؤساء الدول والحكومات، في حين تبين أن المفوضية أكبر حصافة.
إستفادت المؤسسة من هذه الفراغ وأوحت بالثقة أيضاً بأنها قادرة على اتخاذ القرارات القوية وكانت دقيقة منذ بداية الأزمة المالية وما دل عليه تدخلها في أغسطس 2007م.
لقد حل البنك المركزي الأوروبي مكان الحكومات العاجزة غالباً بسبب الإنسداد السياسي الداخلي عن التحكم بقوة بصناديق الإنقاذ أو عن التقدم نحو التكامل وفوائده طالما أن إشارات كثيرة ستكون لازمة للاقتناع بدوام اليورو، ويبقى البنك المركزي الأوروبي مع صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية في قلب "الترويكا" المسؤولة عن تفحص الجهود الرامية إلى التقشف والإصلاح في البلاد التي تتعاون معها.
ويربط البنك المركزي الأوروبي تدخلاته الإنقاذية بصناديق الإنقاذ الموضوعة تحت سيطرة الدول التي تمليء الإصلاحات على البلدان التي تحصل على المساعدة.. هذا وقد جزم البعض أن البنك المركزي دفن استقلاله رابطاً عمله بقرارات المسؤولين الأوروبيين ومنتهكاً المعاهدات المعنية بإنقاذ الدول ذات المديونية الكبيرة..
فيما يتعلق بقدرة دول أوروبا على خفض عجزها إلى 3% العام المقبل فإن فرنسا قد أعلنت تدابير صارمة في ظل الأزمة الاقتصادية من دون تمكين دول أوروبا من تحقيق هدف خفض العجز في الميزانية العامة إلى 3% من إجمالي الناتج المحلي خلال 2013، مشروع الميزانية كشف أن فرنسا ستبذل جهداً غير مسبوق خلال العام للاقتصاد في النفقات يصل إلى "36.8" مليار يورو، بينما أكثر من "24" مليار سوف تجمع عن طريق زيادة الضرائب.
وتأتي هذه القرارات بعد سنتين من إجراءات التقشف ويفترض أن تفضي إلى تحقيق وفر من 60 مليار يورو، وهذا جهد كبير مقارنة بالمعدل السنوي على ثلاث سنوات وخصوصاً في فترة الأزمة وهذا لم يحصل أبداً من قبل لكنه يحصل في أسوأ الأوقات وهي كارثة.. واتباع هذه السياسية في ظل الأزمة وفي الوقت نفسه مع بقية دول منطقة اليورو ومع يورو قوي يضخم تأثير هذه السياسات وكل يورو يتم توفيره يؤدي إلى خفض النشاط الاقتصادي بيورو واحد تقريباً، ولكن تراجع النشاط الاقتصادي يعني بالتالي خفض العائدات الضريبية.. وفي فرنسا حيث تقترب ضريبة الدخل من 50 % فإن السعي لتوفير "30" مليار يورو لا يمثل في الحقيقة سوى "15" ملياراً.
رأي آخر يقول إن تحقيق هدف ثابت بعيد المدى يتطلب ثباتاً، غير أن الهدف الذي حددته الحكومة متغير، كلما صوبوا كلما ابتعد الهدف، والتزام بأي ثمن بهذا الهدف يهدد النمو الضعيف المتوقع، هم لن يلتزموا بتعهداتهم، وسرعان ما سيدركون أنهم لن يمكنوا من تحقيق نسبة النمو المحددة عند 0.8%، في حين تمت مراجعة توقعات النمو إلى 0% لسنة 2013 مقابل 0.3 في السابق.
ويتوقع إدراك ذلك في شهر نوفمبر عندما تعلن المفوضية الأوروبية عن توقعاتها وعندها سيكون هناك خياران، إما عدم المضي في هذه الاستراتيجية لأنها تقود إلى أي مكان أو الإصرار عليها مهما كان الثمن. والخيار الثاني قد يتطلب خطة تقشف جديدة.
هامش:
1. الحياة العدد "18065" 19/9/2012م.
2. الاتحاد الاقتصادي 24/9/2012م
3. الاتحاد الاقتصادي 30/9/2012.
د.علي الفقيه
قوة البنك المركزي الأوروبي وعدم القدرة على خفض عجز الموازنات 1940