يقول تعالى عن يوم القيامة " يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شاناً يغنيه" ولا يقتصر الفرار من الأحبة وتقديم المصلحة الشخصية على يوم القيامة، فالمثل البشري يقول " إذا جاك الطوفان حط ابنك تحت رجليك"، فالمصلحة هي التي تصنع المشاعر وتتحكم فيها وإليك هذا المثل اليمني الذي يصف واقع المصلحة:
الزوج يحبش إذا أنتي قوية
والأهل يحبوش إذا أنتي غنية
والجار يحبش إذا أنتي سخية
والأم بكل ما تحمله في قلبها من مشاعر تترك أبناءها الصغار من زوجها الأول لخالتهم زوجة أبيهم أو لأي شخص وقلبها يتقطع ألماً لكي تتزوج بأخر " وتشوف مستقبلها"، والرجل يهدم أسرة، فيطلق زوجته ويشرد أبنائه لكي يتزوج بأخرى تسعده ما بقي من عمره و لو أن ليلى العامرية أصيبت بمرض أقعدها عن خدمة قيس حتماً كان سيطلقها حالاً ولن يتذكر شيئاً مما كان يقوله والشخص إذا أصيب بمرض ولم يعد يرجى من أي فائدة تجد الناس بل أقرب الناس إليه يدعون له بالعز "يقصدون الموت"..
ولأن المصلحة فوق كل شيء " ما أكثر الأصحاب حين تعدهم لكنهم في النائبات قليل".
حب خالً من المصلحة:
وأتحداك عزيزي القارئ أن تذكر لي حباً أو علاقة خالية من أي مصلحة غير حب الله تعالى لعبده ولا أقصد بالمصلحة الأمور المادية فقط، بل قد تكون المصلحة معنوية وإذا أردنا أن نبحث عن الحب الحقيقي بين البشر علينا أن نقيس الأمور بمقياس أخر، فحب البشر لبعضهم البعض تحكمه الطبيعة البشرية المفطورة على الاحتياج دائماً وكلما اختلفت أنواع الاحتياج تختلف معها نسبة الحب وحقيقته
ولا يوجد حب بشري تخلو منه الحاجة إلى شيء معين حتى في أرقى وأسمى العلاقات الإنسانية على الإطلاق، نضرب لذلك مثلاً بعلاقة الآباء بأبنائهم , فرغم سمو هذه العلاقة إلا أنها لا تخلو من المصلحة وإن كانت ايجابية ولهذا قالت زوجة فرعون عندما وجدت موسى عليه السلام " عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا".
نجدها قدمت المنفعة
وقال زكريا عليه السلام :" فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب" وإذا لم نحب أبنائنا لهذا السبب أو ذاك أو لأنهم زينة الحياة الدنيا، فالمصلحة من محبتهم هي إفراغ عواطف الأبوة والأمومة التي فطرنا الله عليها.
وصدق الشاعر حيث قال:
هذا يعز وهذا يودك
وهذا يحب فيك شيء
والحاصل الوقت ذا يا عزيزي
المصلحة فوق كل شيء.
أحلام القبيلي
المصلحة فوق كل شيء 2546