كنت قد كتبت مقالاً بتاريخ 17 مايو 2012م وأرسلته إلى صحيفة الجمهورية للنشر إلا أنها حجبته عن النشر ولم تبد لي أي أسباب, فلم أعد نشره مع علمي بترحيب كثير من الصحف والمواقع الإلكترونية الحرة بنشر مثل هذا المقال مثل صحيفة أخبار اليوم وموقع مأرب برس مع شكري وتقديري لهم وتمر الأيام وتكشف شيئاً من الحقائق التي كنت توقعتها, فرغبت في نشر المقال مجدداً كتوثيق للتاريخ.. فدونكم المقال:
تبحث أميركا دائماً عن المبررات لغزو البلدان التي لها فيها مصالح بحجج متعددة منها حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب والحفاظ على المصالح.. فإن لم تجد حجة جاهزة خططت لإيجادها ومعلوم للقاصي والداني ما قدمه نظام صالح من تنازلات وخدمات لأميركا وما نالت أميركا تلك التنازلات في أي بلد من البلدان إلا في أفغانستان والعراق وفي ظل الحرب والاحتلال وهل هناك شيء أكبر من أنه سلم لهم أولاده وإخوانه ليربوهم على نظرهم ليكونوا من أبنائها البررة وسمح لأمريكا بانتهاك سيادة اليمن ونشر جواسيسها في كل مكان, بل كانت تقصف بعض المواقع فيما تدعي أنها للقاعدة بحسب جواسيسها أو تقتل بعض الأفراد بزعم أنهم من القاعدة وتعود إلى قواعدها وربما بدون علم من نظام صالح لأنه قد منحهم ترخيصا وبناء على هذا فلا يحتاج الأمريكان للرجوع إليه, بل كان يكذب ويقول إن طائراته هي التي قصفت فتكذب أمريكا الخبر وتقول بل طائراتها بدون طيار هي التي قامت بتلك العمليات وقد صرح رئيس وزراء حكومة الوفاق باسندوه بأن قصف الطائرات الأمريكية بدون طيار والتي تمت بعد سقوط صالح لم يكن بإذن من حكومة الوفاق وإنما وفق اتفاق مسبق مع نظام علي صالح وإن كان الرئيس الحالي قد وقع في نفس الخطأ.
هذا وقد حاول الغرب بقيادة أمريكا سابقا للنزول بجيشها إلى الأراضي اليمنية لولا الله أولا ثم قيام هيئة علماء اليمن بعقد مؤتمر لتدارس خطورة التدخل الأجنبي وصدر عن الهيئة بيان أعلنوا فيه فريضة الجهاد فيما لو نزلت أي قوة أجنبية لليمن, كون ذلك يعد احتلالاً للبلد وأعقب ذلك المؤتمر مؤتمر لمشايخ ووجهاء وأعيان اليمن أيدوا فيه بيان هيئة العلماء وأنهم مستعدون للجهاد فيما لو حدث أي تدخل أجنبي وكان المؤتمران قد عقدا قبل مؤتمر لندن الذي أقامته دول الغرب حول اليمن بأيام قليلة وصدر عن دول الغرب تطمينات طمأنوا فيها علماء ومشايخ ووجهاء اليمن أنهم لن يتدخلوا في شؤون اليمن والغرب يعرف ثقل العلماء والمشايخ والوجهاء في اليمن, لكن أمريكا وبعد الثورة السلمية تجد الفرصة سانحة لهذا التدخل نظراً لضعف النظام السابق ولانقسام الحكومة الواضح والفراغ الأمني الكبير وسقوط بعض المحافظات في أيدي القاعدة والحوثيين والأمر قابل للتطور والانتقال من محافظة لأخرى, رغم أن الحكومة اليمنية وإن كانت تعمل بنصف طاقتها فقط إلا أنها جادة في ترسيخ الأمن والاستقرار في البلد وتعمل لأجل ذلك من خلال محاور عدة, أما علي صالح الحليف القديم لأمريكا فلا يزال يعرقل عمل حكومة الوفاق بكل ما أوتي من قوة ومع هذا فأمريكا إلى هذا الوقت لم تردعه عبر المنظمات الدولية كمجلس الأمن كونها راعية للمبادرة الخليجية وذلك من خلال فرض عقوبات عليه وعلى أفراد عائلته بإدراجهم في قائمة الإرهاب وتجميد أرصدتهم التي لم تكشفها إلى الآن ولحاجة في نفس يعقوب بل إن دول الغرب قاطبة تراه يهرب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من المعسكرات التي لا تزال تحت قيادة أفراد من أسرته ويخزنها في أماكن مجهولة بل وتراه يسرب بعض الأسلحة ويسلم المعسكرات بكل عتادها للحوثيين ويسلم بعضها لتنظيم القاعدة, بل إن من تحالفات بقايا النظام السابق مع الحوثيين إرسال مجموعات من أفرادهم متمظهرين بمظهر القاعديين للانضمام إلى أنصار شريعتهم أو تنظيم القاعدة ولو عبر معسكرات مستقلة, لكنها تقاتل الجيش النظامي الذي يقاتل في أبين وتقوم بعمليات انتحارية أو اقتحام لبعض المعسكرات التي لا يزال قادتها من الموالين للنظام السابق من خلال تسهيلات أولئك القادة لاقتحام تلك المعسكرات, فتكون النتيجة قتل وذبح العشرات من أفراد الجيش واعتقال العشرات وأخذ كثير من العتاد العسكري الذي يواجهون به اليوم الجيش كما حدث سابقاً في أبين وتوالت خيانات أخرى بعد قرارات هادي بإقالة بعض أفراد من عائلة صالح وهذه العمليات التي تنسب لتنظيم القاعدة تذكرنا بما كان يحدث في العراق من قبل الرافضة ضد أهل السنة وإن القصف العشوائي الحاصل اليوم على جعار وزنجبار لا يمكن أن يكون من صنيع تنظيم القاعدة بل هو أشبه بما كان يقوم به الروافض في العراق وتقوم به مليشيات حزب الله في سوريا ضد أبناء السنة ومناطق السنة.
وإن كانت أمريكا قد قامت بإصدار قرار يسمح بتجميد أصول كل من يساهم في زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن أو يتمرد على قرارات الرئيس هادي لكن المطلوب منها ومن الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن في الأيام القليلة القادمة باستصدار قرار حاسم ضد علي صالح وأفراد عائلته والضباط الذين لا يزالون يتمردون على قرارات الرئيس هادي وتجبرهم على رد جميع الأسلحة التي نهبت من المخازن إلى أماكنها كما تجبرهم على تنفيذ قرارات الرئيس هادي حرفياً وتضغط عليهم بالخروج من اليمن, لأنهم يغذون الفوضى والانفلات الأمني ما لم فتصنفهم ضمن الإرهابيين كونهم يقفون معهم في خندق واحد كما قال برينان: إن النظام السابق يقوض عملية الحرب على الإرهاب- حسب تعبيره.
وهكذا فإن على أمريكا إن تصنف الحوثيين كجماعة إرهابية لأنها تقوض الأمن والسلم في اليمن وتشكل خطرا على السلم العالمي كما صنفت من قبل حزب الله اللبناني وتنظيم القاعدة, فالحوثيون لا يقلون إرهاباً عن القاعدة أو حزب الله اللبناني أو مجاهدي خلق الإيراني وعلى أمريكا أن تترك سياسة الكيل بمكيالين.
فإن لم تفعل أمريكا ما ذكر سابقاً أو أكثره أو على أقل تقدير بعضه, فمعنى ذلك أنها هي من يخطط لهذه السيناريوهات من أجل أن تتكئ على هذه الثلاثية (القاعدة ـ علي صالح ـ الحوثيين ) وستبدأ تلوح بها في وجه الدولة اليمنية أولاً ثم دول الإقليم كما كانت قد فعلت في قضية صدام واليوم تلوح بإيران كل ذلك لابتزاز هذه الدول واستنزاف ثرواتها وإغراقها بالديون من خلال دفع فواتير الحرب والتي سيكون من نتائجها تشغيل المصانع والشركات الغربية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص ولنا عبرة بما فعلوه في دول الإقليم وخاصة الكويت واليوم بليبيا وربما جعلت أمريكا هذه الثلاثية مبرراً لنزول قواتها إلى الأراضي اليمنية وبذلك يكون علي صالح قد قدم أكبر خدمة لأمريكا إذ أوجد المبرر لنزول قواتها لغرض فرض الأمن على حد زعمهم على أرض اليمن وقد كان صالح يلوح بهذا في السابق وهذا ربما يحول اليمن إلى عراق جديدة يتم خلال فترة زمنية تسليم زمام الأمور للحوثيين الروافض الذين هم في الحقيقة خدام أمريكا وليسوا أعداءها لا من قريب ولا من بعيد ويمكن أن يصل الأمر إلى تقسيم اليمن وإلا فما سر سكوت أمريكا عن الحوثيين وعدم إدراجهم في قائمة الإرهاب أليست ترفع شعار الموت لأمريكا بل لا يستبعد أن بقايا النظام يذوبون في تنظيم الحوثيين والأسباب الداعية لذلك متوافرة منها التحالف القوي بينهم وبين الحوثيين منذ قيام الثورة الشعبية السلمية فلقد كانت إحدى رجلي الحوثيين في الساحات للتخذيل وزرع الفتنة والشقاقات في أوساط الشباب والرجل الأخرى تحارب مع النظام في نهم وأرحب ومن الدواعي والأسباب الجذور المذهبية التي يحملها بقايا النظام حتى إن من لم يكن زيدياً فهو مستعد لتغيير مذهبه واللحاق بهم وقد حدث هذا واقعياً من كثير من القادة الموالين للنظام السابق ومن المكافآت التي قدمها النظام السابق للحوثيين أنه سلم لهم صعدة وأغلب معسكراتها وترك لهم ما يقارب الثمانين دبابة وأما الأسلحة الأخرى فحدث ولا حرج, بل تفيدنا التقارير أن على صالح هو من كان يمولهم أثناء حروب صعدة من مخازن الجيش النظامي من أجل تدمير قوات الجيش القديمة ليبقى جيش العائلة فقط ومكن الحوثيين من الاستيلاء على محافظة الجوف لما سحب الجيش منها وأتى به إلى صنعاء ليحمي نفسه ونظامه وترك كل أسلحة المعسكرات بداخلها غير أنهم جوبهوا من قبل القبائل وهزموا شر هزيمة واليوم يحاولون الاستيلاء على محافظة حجة وكم سمعنا من مدح للحوثيين خلال عام 2011م خاصة من الناطق باسم العائلة عبده الجندي الذي كان كثيراً ما يقول إن الحوثيين طيبين وليس لهم أطماع, الخبثاء هم حزب الإصلاح.. ولا يمكن أن يصرح الجندي بهكذا تصريح لو لم يكن مقراً من قبل النظام السابق.
أعود فأقول أليس من أول مهمات الحرس الجمهوري الحفاظ على أمن واستقرار اليمن؟ أليس من أولويات قوات مكافحة الإرهاب محاربة الجماعات المتمردة على الدولة؟ بل ما هي مهام الأمن المركزي؟ أما كان من الواجب عليه أن يقوم بالدور المناط به لكنه ترك تلك الجماعات تسرح وتمرح وهذه القوات قابعة في صنعاء تحمي العائلة الملكية؟.. وإذا تساءل البعض فلم لم تقم هذه الجيوش بمهامها, فالجواب الوحيد عندي أن الحوثيين حليف استراتيجي فكيف يقاتلونهم وأما القاعدة فيتركونهم للجيش الموالي للثورة فجيوشهم كونت لحماية نظام العائلة, بل إن لهم يداً فيما دار ويدور في بعض المحافظات كأبين والبيضاء ورداع وإلا ما سر إمداد هذه الجماعات بالأسلحة؟.. ومن المعلوم أن بقايا النظام السابق لهم اليد الطولي في إقلاق الأمن ويحاولون إرهاق حكومة الوفاق أو إفشالها, بل إن صالح يهيئ وزراءه للانسحاب من حكومة الوفاق لغرض إفشالها إن تمكن من ذلك.
أخيراً أقول إن على رعاة المبادرة الخليجية مسئولية تاريخية كبرى تجاه اليمن, فعليهم أن يكملوا المشوار ويجنبوا اليمن المخاطر بكل أنواعها وعليهم أن يضغطوا على هذه الأسرة التي صارت حاقدة حقداً دفيناً على اليمن واليمنيين ويجب على هذه الدول أن تلزم علي صالح وعائلته بالرحيل من اليمن فلا مقام لهم بين هذا الشعب الكريم والمبادرة الخليجية كل لا يتجزأ ولا يجوز العمل ببعضها والكفران بالبعض الآخر, بل يجب أن تنفذ حرفياً وفق الخطة المزمنة وإن كان قد حدث خرق لهذا التزمين ويجب على تلك الدول أن تتخذ الإجراءات الرادعة لكل من يعرقل تلك المبادرة وأن تتخذ في حق كل من يعرقل سيرها أقصى العقوبات وبدون محاباة ومن هذه الروادع نزع الحصانات وتجميد الأرصدة والإدراج في قائمة الإرهاب وعليهم ألا يضحوا بشعب كريم وبلدة طيبة من أجل أسرة أذاقت الشعب اليمني الويلات وثبت بما لا يقبل الشك أن لهذه الأسرة يداً في إقلاق أمن دول الإقليم.. والله من وراء القصد.
الشيخ / عقيل محمد المقطري
ما رفضت نشره صحيفة الجمهورية قبل أشهر تثبته الأيام!! 2482