عيد أكتوبر ذكرى تشرئب لها الأعناق لتتنفس عبيره الفواح في أركان الزمان والمكان, هذه الذكرى الغالية على قلوبنا، هذا الحلم الجميل الذي راود اليمنيين طيلة مائة وتسعة وعشرين عامًا للفكاك من المملكة التي لا تغيب الشمس عن مستعمراتها؛ غدا حقيقة واقعية بذل الشرفاء من أجلها دماءهم الغالية التي ارتوت بها أرض اليمن السعيدة من أجل يمن حر من كل ما يقيد حركته وإرادته في التغيير والتعبير, هذه الثورة استلهمت من كفاح أبناء اليمن كل اليمن شماله وجنوبه, وكان هدفاً من أهدافها توحيد الأرض اليمنية التي انفصلت بفعل الاستبداد والاستعمار.
وهانحن اليوم نقف على أعتاب الذكرى التاسعة والأربعين واليمن يمر بأصعب مرحلة في تاريخه المعاصر، مما يستوجب منا جميعًا الوقوف وفاء لمن قدموا التضحيات تلو التضحيات, هذا الوفاء يتجسد في تحقيق أهداف الثورة المجيدة والنظر إلى مصلحة اليمن كل اليمن بالدخول في حوار صريح لا يحمل في وثائقه أي قرارات مسبقة أو إملاءات من أي طرف, مهما كان مركزه الرسمي أو الجهوي مستبعدين لغة الإقصاء والتهميش كائن من كان مصدرها, ندخل بصفحات بيضاء وقلوب بيضاء لنسجل تاريخًا مجيدًا بأحرف من نور تقرأه الأجيال القادمة بكل فخر واعتزاز لا يحمل بين أسطره أي عنصرية أو طائفية أو مناطقية, ولتكن فيه كلمة الفصل للإجماع الوطني الممثل بالأطراف المتحاورة, وعلينا القبول بمقررات الحوار مهما تعارضت مع القناعات الفردية أو المصالح الشخصية أو غيرها فلا يمكن أن تجتمع الكلمة اليمانية على ضلالة؛ لأن مصدرها حكمة أبناء اليمن المشهود لهم بها من قبل أعظم من عرفه تاريخ الإنسانية، فلا تبخلوا على اليمن بعطائكم له ولأبنائه بالأمن والسكينة والاستقرار وترحموا على شهداء الثورة بتحقيق ما وهبوا له حياتهم من أجله.