خلال متابعتي لأحد برامج قناة السعيدة الفضائية والذي يناقش احد المواضيع المهمة السياسية في البلاد شدتني الجوانب المتناولة في ظلال اجتماع المشايخ والقبائل وأثناء استماعي لمكالمة هاتفية لأحد الوجهاء كان يتحدث بلهجة (خضراء) لم ولن افهمها مطلقاً والسبب كما بدا لي أن المتحدث كان يمضغ القات حينها وبالأصح انه نسى أن (يذبل) الشجرة الخضراء من فمه فبات الكلام اخضراً واخضراً نجهله تماماً !!
بدت على مقدم البرنامج ملامح الاستفهام فلم يعد يعرف بعدها الطريق لحديث المتصل فلجأ إلى قطع السؤال بسؤال آخر ولكنه لم يزد الأخضر إلا اخضراراً !
أتساءل الآن: هل القات مفيد وشهي لدرجة أن المسئول الفلاني لا يتخلى عنه لدقائق فيبدو حديثه مرتباً ومفهوماً كحد أدنى فتصل حروفه بلونها الطبيعي؟ أم أن القات هو من يجلب الإجابات ويساعد على "المخمخة" كما يدعي البعض؟.. وأتساءل أيضاً لو كان القات كما يدعون لماذا تصدأ أقفال بعض العقول بسبب القات أيضاً ؟!.
مازلت أتذكر تلك الابتسامة الخضراء لأحدهم التي صادفتني يوماً على إحدى وسائل المواصلات وأتذكر أيضاً كم شعرت حينها بالغثاء والانزعاج لمجرد أن رأيت ابتسامة خضراء يلوّنها القات الذي كان يملأ فاه ذاك الرجل حينها، وبعد ابتسامة خضراء وكلام اخضر ماذا تبقى للقات في حياتنا حتى يلوّنه ؟!
لم ندرك بعد أن القات بغض النظر عن اخضراره المقيت ما هو إلا عُشبة استأصلت من العقل رجاحته ومن الحديث اتزانه وحتى من العاطفة طبيعتها الدافئة وإلا ما الذي يجعل الزوجة تستغل زوجها المُخدر بهذه الشجرة لتمارس كيدها فتطلب وتأمر وتنهي في حين أنها قد لا تستطيع فعل ذلك بعد أن يصحو الزوج من نومه وهذا يعني بعد زوال مفعول المخدر الذي ابتلعه في وريقات هذه الشجرة الخبيثة ؟!.
شبابنا أيضاً مازال يظن أن القات هو الوسيلة الوحيدة للحياة وللمذاكرة وللنجاح والتخطيط وبات القات حاضراً في أفراحنا وأتراحنا وأينما تولي وجهك تجده أمامك والحقيقة أنه لم يزد اليمن إلا بؤساً وانحطاطاً في المستويات التعليمية والاقتصادية والحضارية ومازال الشعب متمسكاً به لا أعلم لماذا ؟!
يتمسك به لدرجة أنه بات حاجة كالماء والهواء فإذا ما انقطع يوماً عنه حضر المرض وحضرت معه الكوابيس والأوهام والشحناء والهموم وإذا ما عاد عادت معه آفاته الجسام والتي لم ولن يدرك خطورتها ولو بعد حين بسبب تلك الغشاوة التي يفرضها التمسك بأوهام فوائد هذه الشجرة دوناً عن أضرارها الأخطر ..
أخيراً متى ستعود للحياة ألوانها الطبيع
أحلام المقالح
الكلام الأخضر ! 2016