مبروك لقد حصلت على جائزة:هذا هو عنوان الرسالة التي وصلتني على الإيميل في ليلة بائسة من ليالي اليمن السعيد, لم تصدق عيناي ما تقرأ, معقول أخيراً حصلت على جائزة؟..
وبدأت أسأل نفسي قبل أن أفتح الرسالة: هل هي جائزة نوبل للكلام, أم جائزة العويس؟ أم ..؟.. حتى تكون جائزة بسكوت ويفر المهم جائزة.. فتحت الايميل وفوجئت بالرسالة تقول:"مبروك لقد فاز أيميلك بجائزة قدرها".. أخذت وقتاً طويلاً وأنا أحاول تحويل المبلغ من اليورو إلى الريال اليمني رحمة الله عليه ولم أستطع, وبدأت أوزع الأموال يمنة ويسرة, أعطيت أمي وأسرتها وأبي وأقاربه وصديقاتي وجيراني وزوجت مجموعة من الشباب العوانس على حسابي, واشتريت باصات ليشتغل عليها مجموعة من العاطلين " افيد واستفيد"..وفتحت مكتباً للسفريات والحج والعمرة " علشان اعتمر وأحج كل سنة"..وو ووو"والفلوس ما كملت ". فوضعت ما بقي منها في البنك..
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية فجراً ولم أجد من يشاركني الفرحة إلا زوجة أخي, ذهبت إليها وأخبرتها بالمفاجأة, لكنها فاجأتني قائل’( إنها خدع’)..
لم أصدقها طبعاً ونمت وأنا أحلم وعندما استيقظت فتحت الايميل وبحثت عن اسم الشركة التي منحتني الجائزة وكانت الفاجعة, فقد كانت مجرد خدعة واحتيال وفقت من الحلم وعدت إلى الواقع, واقع حراف, واقع "خالي من الدسم " قصدي من الدعم والتشجيع والاهتمام, واقع وطن لا نأكل فيه اللقمة إلا وهي مغمسة بالذل..
عدت إلى واقع أبحث فيه عن شركة أو هيئة تتكفل بطباعة كتابي, أبحث عن جائزة بسكويت ويفر, أنتظر إنتاجي الفكري متى يصرف.. واقع يجبرنا على التسول, نتسول الوظيفة ثم نتسول الراتب و نتسول المنحة و نتسول الترقية و نتسول العدالة ونتسول التشجيع و نتسول الدعم و تجد الناس يقفون في طوابير ينتظرون محافظاً أو وزيراً أو تاجراً, كل بيده تقرير أو طلب, هذا يتجاهلك وذاك يردك و آخر بالكلام الجارح يلمزك.. وإذا مرض أديب أو شاعر أو فنان أو أي مبدع يموت على فراش المرض ونحن نتسول له تذكرة للخارج أو قيمة فاتورة العلاج من هذه الجهة أو تلك والملايين تصرف على شراء السيارات و الاوبريتات والمهرجانات و الحفلات والكلام الفاضي الذي لا يؤدي ولا يجيب.. تباً لك من الوطن!!.
أحلام القبيلي
لماذا تجبرونا على التسول؟! 2335