كلمة (عدن) في اللغة العربية تعني الفردوس أو جنات النعيم.. وعدن الواقعة في شبه جزيرة بركانية صغيرة ضمن مخروط بركاني خامد يبرز إلى الداخل مكوناً أبراجاً عالية من القمم الوعرة والجروف الحادة والأخاديد والشقوق، وهناك أخدود مظلم تتحدث الأساطير عن وجود قبر "قابيل"، أول قاتل من أبناء آدم عليه السلام على الأرض.. يقع في هذا المكان الذي يعتبر كأحد أشهر المواقع الإستراتيجية والموانئ المهمة والمشهورة في التاريخ والعالم، كأهم المراكز التجارية في جنوب جزيرة العرب، وكان السبئيون يتخذونها مرفأً لسفنهم ولإفراغ حمولتها من كنوز الهند والجزر الشرقية والملايو وغيرها، ومنها تنطلق في رحلاتها إلى مستعمراتها على الساحل الإفريقي التي بنت مدناً ومعابد وشيدتها وحكمتها قروناً، وهم الذين بنوا صهاريج عدن التاريخية لجمع مياه الأمطار وخزنها، وحفرت آبار عميقة في الوديان بحثاً عن المياه وقد تم اكتشافها أو ينابيع بعد الحرب الكونية الأولى.
وحسب الروايات أن عدن هي المكان المذكور في سر (حزقيال) في التوراة، وكثير من الثروات التي كانت ترد من البلاد الأسطورية النائية، وكان الفينيقيون يعرفونها من أهم المراكز التجارية في جنوب الجزيرة العربية كما أسلفنا.
والمتأمل لأهمية هذا الميناء يدرك كوامن أسباب تنافس الغزاة على احتلاله والاستيلاء عليه بدءاً بالرومان، فالأحباش، فالفرس.
فإذا ما وقف المرء على قمة جبل جمر أو "جم جم" كما كان يسمى، ونظر إليه يجده يشبه المنجل العريض حسب روايات حصيف مستشرق وقد حمى مدخله سيفان توأمان من الصخور وهو من الاتساع يمكن لأسطول أ وأكثر من أن يجد المرفأ الآمن الواسع والمطلوب والمناسب وإلخ، مما أكسبه أهمية عالمية قديماً وحديثاً بين القوى المتنافسة – حسب بعض التحليلات.
كانت بريطانيا على عهد الملكة فيكتوريا في القرن التاسع عشر التي حكمت معظمه قد احتله من العام 1839م وحتى 1967م لأكثر من 130 عاماً وعلم الإمبراطورية يرفرف على سمائها، وأقامت نطاقاً أمنياً حول شبه الجزيرة، واتخذت منه قاعدة بحرية لتأمين مصالحها وخطوطها الحمراء، والانتقال إلى الهند وتحولت إلى أحد أقاليمها الأولى، وتعد كإحدى النقاط الأربع الرئيسية الممتدة من أعمدة هرقل على الأطلنطي جبل طارق عبر البحر المتوسط إلى مضيق باب المندب، وهي تتكون من مضيق جبل طارق وقبرص ومالطه وعدن، وكان الرومان احتلوها في القرن السادس الميلادي ومن ثم الأحباش، فالفرس لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية والملاحية.
من أجل ذلك ينبغي على الأنظمة الوطنية المخلصة في أرض السعيدة أن تضع هذا الموقع العالمي نصب أعينها، وتعمل على مواصلة تطويره وتوسيعه على الدوام وبحسب ما تتطلبه كل مرحلة على حدة باعتباره مكسباً لكل اليمن ومرفأً دولياً لخدمة الملاحة البحرية العالمية.
عبدالجليل حمود أبوغانم
أهمية الموقع الجغرافي لعدن 2248