(البَزْنَطَة) هي فضول الجهال في شؤون العامة .
فقط يعترف الجُهَّال بجهلهم ويلزموا حدودهم في الحياة.. أما أنتم يا ذوي الرأي والحكمة كفى حِلماً فقد حان لغضبتكم أن تكون.
حتى تكون الطاقات في مساقاتها لابدَّ أن يسجل الحضور النخبوي فاعليته على مستوى كل مربع سكاني أو قرية صغيرة وتعمل تلك النخبة المتنوعة ثقافياً وأدبياً وفقهياً وأمنياً واجتماعياً بتكامل إنساني بديع ورؤية حضارية وتجرد من أنا أو ذات لصناعة ما تعطش لرؤيته شمس تكاد أن تقول تعبت أن ينضج ما أراد الله.
لا قوة للفوضى غير انعدام انتظام النظام.. لا وفق أماني وأحلام مقلقة في هدم سلباً.. لا بل مقلقة إيجابياً والسير في تحقيقها وفق نواميس كونية.
الحياة هي في صورتها الطبيعية من الاختلالات والفساد وقانون الغلبة والتوظيف الشيطاني عند انعدام أبجدية الخير بمؤهلاته الضرورية لتعامل وفق الناموس وتدفع الشرور أو لنقل انحسارها، لا ينقصنا الرؤى الفكرية والخطة أو تحديد الهدف فنحن من ذلك في ترف.
الاصطفاف في البواتق التنظيرية وعدم الاستعداد للإشراف المباشر في توظيف الطاقات والقوة التنفيذية وتنسيق تكامل التنوع في تحقيق الهدف وتوضيح غبش الرؤية وحلول الإشكالات المتوالدة في ثنايا تفاصيل التنفيذ وعوارض السير.
وهذا يقتضي التضحية والنزول من المستوى الرفاهي والمعيشي أو المناخي أو الحضري إلى ريف أو صحراء لتكون أمام حلم تنفيذ مشروع إنتاجي ومضاف قيمة حقيقة يخفف معاناة الاحتياج، وهل كل الإشكال غير الندرة وازدياد الاحتياج؟
ليس الإشكال في التنظير والمفاهيم الإنسانية فذلك مبثوث في بطون الكتب وشرائط التسجيل لكننا بحاجة إلى جهد البقاء في تزاحم الركب إلى الركب وتلقي معاني الإنسانية من مظّانها حتى تستقيم الذائقة وتوليد تعطش المتلقي إلى المرعى كان كتاباً أو تأملاً في الطبيعية أو الحركة البشرية يملك ملكة القدرة على تفسيرها بناء على معايير وأسس معرفية مجردة من أمرة النفس بالسوء.
فما نظنها تقليديات لا تعني المعرفة المعلوماتية أو المهارة الفنية لكنها معاني يتلقاها المريد في غير ظاهر الهدف، فمن يحضر قاعة الدرس أو المحاضرة وتمتلئ عينيه بمشاهدة المحاضر أستاذا جامعيا أو مدرسا هو لا يتقلى المعرفة المجردة لكن أمامه مضغوط الزمن الذي كابده ذلك الأستاذ تنتقل إليك عبر قنوات لا يدركها هو.
أنت لا تسمع فقط لكنك تقرأ ليس بعينك وبعقلك وعاطفتك والفطرة أيضاً الحركة ومجسد التاريخ والتجربة تعكسها عبارة أو حركة أو لغة خفية تُوعى فقط من تسجيل الحضور، لذا جاء في الحديث: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
المثقف يتهم السياسة بتغييبه عن دور له يجب أن يكون، لكنى ـ بحسب ظني ـ أن الثقافة هي نفسها مأزومة بأكبر ما تتهم بها أغيارها من أيديولوجيات وتتحدث من منطلق أكبر أيدلوجيا من الأيديولوجي، فما تصنعه ـ الثقافة ومثقفوها ـ وتراه/يروه علاجا للوضع الاجتماعي والوطني ـ وهو ذلك ـ يجب أن يعالج ـ المثقف ـ به ذاته أو الثقافة ذاتها وتتسلَّك به سلوكا يصنعها لاقطا لكل ما حولها والتشكل بالكيفية الوصفية التي تشكل الثقافة العامة بما يؤسس للحضارة وأسسها العلمية والأخلاقية فالأخلاق هي أس الحضارة ...
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا..
طاهر حمود
الحلقة المفقودة: 1632