الحياة مليئة بالمشاكل والمنغصات.. وكل مشكلة مهما كبرت أو صغرت تنتهي في الأخير بصلح يرضي جميع الأطراف.. بشرط تحكيم العقل، وأصحاء الضمير، ومراقبة الله تعالى، والاستعانة بأهل الصلاح والفلاح، والاستفادة من تجارب الآخرين، وخبرات السابقين، والعزم على عدم العودة إلى ارتكاب الخطأ نفسه أو تكرار المشكلة نفسها.. والحرص على تلطيف الأجواء وتهيئتها أمام عملية الصلح، وفتح المجال أمام الحوار الهادف والبناء، والنقاش الجاد والصريح، والسعي نحو الحل لا التعقيد، أيضاً الحرص على مصلحة أطراف النزاع أو الصراع أو الشجار، والأخذ من الظالم والاقتصاص للمظلوم.. والسعي نحو الصلح عملاً بقوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم).. وقوله (والصلح خير).
والحاصل أن جميع المشاكل التي تطفو على حياتنا المعيشية بين الفينة والأخرى تبدأ بكلمة ( لا).. فالزوجين على سبيل المثال قد يصلان إلى مرحلة الطلاق والانفصال بسبب أن أحدهما قال للأخر (لا)، والأخ قد يتعارك مع أخيه ويتقاتلان والسبب ( لا).. والدول تتحارب وتتنازع والسبب أن إحداهما قالت للأخرى ( لا) لا للتدخل في شؤوني، لا للهيمنة، لا لاختراق السيادة، لا للسعي نحو النفوذ والسيطرة..
والسائد اليوم تعدد المشاكل وتنوعها واختلاف أسبابها، ومبسبباتها.. والتي قد تكون في الغالب تافهة جداً، فلو زرت أقسام الشرطة والمحاكم فستجد ما يوحي للعجب والسخرية، بل والإشفاق في نفس الوقت.. فكم من المشاكل المنظورة أمام المحاكم والنيابات.. والتي قد تأخذ لها عشرات السنين وتأخذ حقها من إصدار الأحكام واستئنافها، وتنفق في سبيلها مئات الآلاف من الريالات ولأسباب تافهة جداً..تخيلوا أن هناك من تخاصما على مبلغ لا يتجاوز (400) ريال، وبعد الضرب المبرح وصلا إلى قسم الورطة – عفواً أعني الشرطة- فحولهم الى النيابة من ثم المحكمة، تخيلوا كم من مبالغ طائلة أنُفقت!!.. وكم من وقت وجهد راح هباءً منثورا في سبيل ذلك.. وعلى ذلك قس..
لقد دعا الإسلام للاحتكام إلى الشرع والسنة، والرجوع إلى الله ورسوله وإلى أولياء الأمور الذين ارتضاهم الناس ووثقوا بهم، أو من هم في نطاق أهل الصلاح والفلاح المشهود لهم بالعدل والقدرة..
والملاحظ اليوم أن المحاكم تحولت من راع لحقوق الناس إلى متسبب كبير في انتهاك تلك الحقوق ..من خلال إصدار الأحكام الغير عادلة والمجحفة بحق الناس، ومن خلال أيضاً التعامل وفق المحسوبية والمجاملة والمفاضلة والتمييز والعمل بمبدأ ( من يدفع أكثر) بغض النظر عن من هو على حق ومن هو على باطل..
ونصيحتي لكل ذي مشكلة قد تواجهه أن يسعى جاهداً إلى العمل على إيجاد حل مناسب وودي لها، بدلاً من الذهاب إلى مستنقعات المحاكم والأقسام وأماكن أكل أموال الناس وإضاعة حقوقهم وممتلكاتهم، والأفضل من هذا كله هو تجنب الوقوع في المشاكل قدر الإمكان.. هذا والله المستعان.
موسى العيزقي
والصلح خير.. 1502