من يتابع وسائل إعلام الحوثيين يجد أن هذه الجماعة لم ولن تكون في صف الثورة الشبابية الشعبية إطلاقا وأنها لا تؤمن بالتغيير بقدر إيمانها بالعنف والقتل بالهوية ومصادرة حرية الآخرين وممارسة الإرهاب سلوكاً وواقعا ومحاولة الزج بالبلد في فتنة طائفية تديرها الحوزات الإثنى عشرية في قم التي تعمل على نقل السيناريو اللبناني بكل تفاصيله وتكرار نموذج حزب الله في صعدة وما جاورها.
ومن يتابع المسيرات التي كانت تدفع بها جماعة الحوثي وما تزال في صعدة على مدى الثورة الشعبية لوجد أنها لم تكن في سياق التصعيد الثوري الذي قدم فيه شباب الثورة دمائهم الزكية فداء للوطن وحريته واستقلاله ولم يكن لديهم أجندة خارجية عندما نصبوا خيامهم في الساحات والميادين، فيما أراد الحوثيون من هذه الثورة إنهاء حالة العزلة المجتمعية المحيطة بهم والتغطية على الجرائم التي ارتكبوها بحق أبناء صعدة، ولذلك خلت مسيراتهم من الهتافات المنادية بسقوط النظام ومن الأعلام الوطنية باستثناء شعار الصرخة (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل)، بينما لم يمت أمريكي ولا إسرائيلي واحد في جبال صعدة أو بعض مديريات حجة كل من مات هم مواطنون يمنيون لا ذنب لهم سوى أنهم خالفوا الحوثيين في الرأي ورفضوا تقسيم المجتمع على أساس سادة وعبيد، فكان جزؤهم الموت والتهجير.
في الأمس القريب من الثورة تخندق الحوثيون خلف مصالحهم وأهدافهم الطائفية مصوبين سهام حقدهم ونقدهم لشباب الثورة وأنصارها وحماتها وها هم اليوم يصفون القرارات الجمهورية التي اتخذها الرئيس هادي بالفتنة سواء ما يتعلق منها بإقالة الفاسدين وناهبي مقدرات الوطن أو ما يخص إعفاء جنرالات العائلة من مواقعهم العسكرية التي وصلوا إليها في غفلة من التاريخ.
وحدهم الحوثيون لا تعجبهم هذه القرارات التي تمهد لإعادة هيكلة الجيش والأمن على أسس وطنية يكون ولاؤها لله والوطن والحفاظ على مكتسبات الشعب ومقدراته بل يعتبرونها تصب في خانة تحزيب الجيش ولعل هذا التوصيف يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن جماعة الحوثي تعارض هيكلة الجيش وتحمل في هذا الجانب أجندة تسعى من خلالها عبر تحالفها مع بقايا النظام السابق بإبقاء الجيش خارج الشرعية الدستورية مقابل حصولها على السلاح والتدريبات اللازمة لمليشياتها وهذا ما كشفته بعض التقارير أخرها إقامة معسكر للتدريب في صعدة تداعى له المئات من المحافظات الأخرى جلهم من أصحاب السوابق والمطلوبين أمنياً لتدريبهم على القتال واستخدام مختلف الأسلحة بما فيها الدبابات.
يعلم الحوثيون جيداً أن هيكلة الجيش والأمن هي المعيار الحقيقي لنجاح الحوار الوطني ما يعني فشل مشروعهم التوسعي وحشرهم في زاوية القبول بنتائجه ووضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الإستمرار في العنف والمشروع الطائفي وبالتالي مواجهة المجتمع الدولي أو التحول إلى حزب سياسي مدني وهذا الخيار يبدو مستحيلاً على جماعة دأبت على القتل والارتهان للعامل الخارجي وبالتالي ليس أمامها سوى عرقلة هيكلة الجيش والأمن والإيحاء للمواطن أن ما يتخذه الرئيس هادي من قرارات هي فتنة وتصب في خانة تحزيب الجيش مع أنهم يعلمون علم اليقين الثورة ماضية في تحقيق أهدافها ولن تقبل التسويف أو المماطلة في هيكلة الجيش والأمن وتحريرهما من قبضة الأسرة الفاسدة المستبدة.
كما أن المواطن لم تعد تنطلي هذه الترهات التي يسوقها بقايا النظام وحلفاءهم وقد رأى بأم عينيه كيف صنع جيش وأمن العائلة إبان الثورة الشبابية السلمية الذي لم يكتفي بقتل الثوار والثائرات بل تمادى إلى دك البيوت على ساكنيها في تعز والحصبة وأرحب، واليوم يتم نهب المعسكرات والتمرد على قرارات الرئيس بغية إبقاء الجيش خادماً للعائلة لا خادماً للشعب . ألا يكفي هذا في نظر الحوثيين للتسريع في الهيكلة وإقالة كل القتلة والمجرمين أم أن الطيور على أشكالها تقع .
عبد العليم الحاج
الفتنة في رؤوسكم 1587