نأخذ حديثه كشاهد على العصر وفي قلب الأحداث والتحولات ونمعن إلى طرحه بكثير من التأمل في علاقته بالنظام سابقاً وما حاول حثيثاً على تحقيقه وطنياً قدر مستطاعه ونظرته للواقع واعتمالات اليوم والقادم وفق معطيات الواقع. ونشعر بقوة مدى حضور هذا الرجل على امتداد الساحة الوطنية ومعنى أن نجد البعض غير منصف له ويستهدفه شخصياً ويحاول أن يلقي بظلال من الشكوك على ما يحققه من تقدم في معترك الفعل الوطني .فيما البعض الآخر وهم كثر ينظرون إليه كشخصية وطنية بارزة لها حضورها الحيوي الفاعل وقدرتها على استحضار التاريخ والإشتغال عليه والعمل من خلاله وبنظرة فاحصة إلى المستقبل ربما عكرت صفو من وقف أمام طموحاتهم الذاتية ومآربهم الرجعية وربما أيضاً بفعل نظام سابق جرى خلعه وأسهم في هذا الخلع ذات الشخصية الوطنية التي طالما وقفت أمام أطماعه بمقدار استطاعتها حتى إذا ما أدركت أن الفرعنة وهو تعبير له قد أخذت تتموضع والغرور صار ديدن المخلوع ولم تعد تجدي محاولات العود من جديد إلى مربع الوطن حينها فقط كان القرار بثقة إنحيازاً للجماهير، للوطن، لتطلعات شعب، للحرية ،للتغيير، للثورة إنجاز خارج المزايدات والإفتراءات.
هذا هو البطل المناضل (اللواء علي محسن صالح الأحمر) قائد الفرقة الأولى مدرع .شدني كثيراً اللقاء الذي أجرته معه صحيفة الجمهورية ومن خلال هذا اللقاء طرح بشفافية ووضوح رؤيته للأحداث بتتابعها وموقفه من سلبيات النظام السابق وتطلعه مع العديد من زملائه في الانتقال بالوطن وتحديداً عقب حرب صيف 1994إلى مستوى متقدم يؤكد عمق الانتماء الوطني ومعنى الوحدة مواطنة متساوية وشراكة في البناء والتنمية وكان له في هذا مواقف ربما أنجز أشياء وأخفق في أشياء أخرى. ولكنه حاول ولم ييأس أو يتوقف من العمل الوطني متى ما أستطاع إلى ذلك سبيلا ففي نهاية المطاف يبقى في كل ما أراده محفوفاً بالكثير من الشائك والكثير من التدخلات الهوجاء وإزاء كل هذا يبقى حضوراً ممكناً وقادراً على العطاء ولم يذهب به الحال إلى الإدعاء أنه أتقن ما سعى إليه وحقق كل ما أراد، فهو في المحصلة يبقى كما أشار إلى ذلك بشراً يخطيء ويصيب . هكذا بتواضع جم يليق بقائد انتمى للثورة وللتغير وللوفاء لدماء الشهداء طرح اللواء علي محسن ما يراه دونما شطط ومغالاة ليؤكد أن ما يقدمه للتاريخ لا ينبغي تزويره وتلفيقه فالأمانة اليوم هي التي لابد منها لتبقى مسارات الوطن عميقة التطلع إلى الأمام خالية من الزيف .وهو أمر نحسب أنه قد فعله وإن لم يرق ذلك لمن في قلوبهم تحامل عليه بفعل وقوفه إلى جانب الثورة كأهداف ومبادئ ورفضه اللعب على أكثر من حبل كما هو ديدن النظام المخلوع الذي افتعل أزمات وتداعيات وأرهق البلاد والعباد باللعب على أكثر من خط ظناً منه أنه ذكاء، فيما هو الغباء كله حين فقد ثقة الآخرين به وهو الأمر الذي أدى إلى إنهيار النظام بكل منافقيه .في حين كان لأصحاب المبادئ والضمير المنتمي لوطن الثورة ثباتهم ونضالهم ومعنى انتصارهم وقدرتهم على تجسيد اللحمة الوطنية بالوقوف إلى جانب الساحات والعمل من أجل أن تثمر ثورة تغيير مباركة وقد تحققت فعلاً من الانتصار لقضايا الإنسان ومن رفض المناضل الجسور (اللواء علي محسن صالح) لحماقات النظام السابق الذي تمادى في سفك الدماء الطاهرة وأوغل في الأثم وأخل بالمتفق عليه وشروط التوافق الوطني مع القوى السياسية .وهو أمر كان لابد من التعامل معه بروح المسؤولية الملقاة على شخصية البطل علي محسن الذي راهن وبقوة على الفعل التغييري المتقدم بطاقات إيمانية لا حدود لها زادها تسارعاً وقوة وانتصاراً وثباتاً على النصر إلإعلان التاريخي لقائد الفرقة بالإنحياز الرائع للوطن للشعب لساحات النضال للتغيير الذي بات ضرورة لرفض القهر والظلم والتآمر على سحق الساحات .وبقوة إرادة سجل حضور الفرقة هنا تحولاً مهماً وغير عادي في تسارع الأحداث لصالح القوى الوطنية وقد أدى ذلك إلى خلع النظام السابق وإلى تحقيق غايات شريفة لا تعلو عليها غايات أخرى في وقت وجيز وظرف استثنائي قاهر لا يقوى على تحديده ببسالة سوى الشجعان ومن انتموا إلى الوطن حرية وكرامة ومسؤولية جسدتها المواقف الكبيرة التي جعلت للثورة توقدها وعنفوانها وتحديها بإدراك نافذ وقوة بصيرة..
هكذا هو الموقف للفرقة وقائدها وكل من انحاز من القوات المسلحة ليقين الوطن ورفض الدم المراق والقتل بدم بارد وتشرف تاريخياً بحماية الساحات لتؤتي أكلها وطلعها النضيد .وهنا فقط ندرك المعنى الكامن في حوار المناضل علي محسن صالح لصحيفة الجمهورية بما فيه من أمانة تاريخية ومن طرح موضوعي ومن تحمل مسؤوليته في كل خطوة أقدم عليها أو قرار أتخذه أكان موفقاً فيه أم غير موفق، ففي المحصلة هو كما قال قد يخطيء وقد يصيب، لكن الضمير الوطني في كل هذا هو الذي يستوطنه ويعمل بوحي منه ويسير فيه .ويكفيه هنا شرف المحاولة وما حققه من انتصارات لا يمكن لأي كان أن يتغافل عنها كتاريخ ولا كموقف تجلت فيه إرادة النهوض باليمن من واقع مزري ومن حكم أسري ومن فرعنة قال عنها وغرور وصل إلى حد الإقصاء لكل القوى النضالية والتفرد بالرأي الأهوج والعبث بمقدرات شعب .هذا هو الذي جعل البطل (علي محسن صالح )ينحاز إلى التغيير كضرورة وطنية لابد منها للعود بالثورة إلى مسارها الصحيح ومن أجل القضاء على ما يعبث بالروح الوطنية ويريدها منهزمة أمام طموحات وصلت إلى حافة الجنون بقلع العداد كما قالها أحد زبانية النظام وكشف الدفين الذي كاد أن يتشكل ويكون في النظام السابق وإزاء حكاية ورغبة قلع العداد وتصفير ثورة اليمن الكبرى والبحث عن نافذة توريث تتحقق .كان لابد لمن ناضل في خندق الثورة وجسد معاني الانتماء إلى ما هو مشرق أن يرفض القلع للعداد وأن يبحث عن فرصة تاريخية ينطلق منها لوقف عبث نظام وجنون زعيم .وهو ما عبر عنه اللواء علي محسن حين أشار إلى أن البحث عن فرصة كانت موجودة والنفس مهيأة لذلك والطموح موجوداً ويرقى إلى القناعة التامة بالتغيير والقضاء على الفساد .حتى حانت اللحظة الحاسمة وفارقة التاريخ لينطلق قائد الفرقة الأولى مدرع وميامينه ومن أعلن دعمه ومساندته ووقوفه معهم إلي ساعة الحسم بعد أن تبصر للأمور ورأى بدراية وحكمة إلى ما يجب العمل من أجله وتحديد الخيار الحاسم الذي كان مفصلياً في ثورة 11فبراير وهو قرار الانتماء للوطن وتطلعات الجماهير ونبض الساحات ليتشكل حينئذ زمن آخر فيه معنى التصفير هنا شيء آخر وهو نهاية نظام متغطرس وبداية حياة وطن .وقلع عداد الفساد والتوريث والعصبوية والأسرية.لتبدأ المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية رحلتها من إرادة شعب وطموح وطن.بهذا المعنى كان التصفير وقلع العداد هو فعل شعب وليس رغبة قهر وسيطرة لنظام مستبد أوصل الوطن إلى الكارثية فعلاً حتى إنه قيل عنه يشبه في الكارثة انهيار سد مأرب.
محمد اللوزي
اللواء والحضور الوطني 2129