الناظر لحالنا اليوم يجد ما يوحي للعجب، فالواقع الذي نعيشه واقع مرير ولم يعد يحتمل.. أتحدث هنا وأعني بذلك واقعنا الاجتماعي.. سواءً على مستوى المحيط الأسري، أم على مستوى المجتمع ككل..
لقد تغيرت الأوضاع وتبدلت الأحوال وصرنا نعيش وسط غابة مليئة بالذئاب البشرية، فالأخ لا يسلم من مكر أخيه، والجار لا يسلم أيضاً من أذى جاره، وهكذا صار حالنا كحال الأسماك تأكل كبارها صغارها..
والحاصل أننا بتنا بعيدين كل البعد عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، وعن مبادئه وشريعته السمحة، وبات عدم معاهدة الجيران وتفقد أحوالهم يندرج تحت ذريعة ما يسمى بالـ( الموضة).. أو من باب (كل واحد في حاله)..
والشاهد اليوم وفي ظل التوسع العمراني والتقدم الحضاري نجد الكثير منا قد طوق نفسه بسياج أمني أسمنتي لدرجة لم يعد هناك أي مجال أمام الجار كي يتفقد جاره، أو يّطلع على أحواله، حتى أن البعض قد يموت ولا يجد من يسأل عنه أو يعرف أخباره إلا بعد حين..
إنني هنا لا أنكر أن هناك جيراناً يجعلونك تنفر منهم، وتبتعد عنهم مئات الأمتار.. ولكن في المقابل هناك جيران جديرون بالمجورة وبالمحبة والألفة والاحترام..
إن الإنسان يحمل بين جنباته الشر كما يحمل الخير.. فيستخدم الخير عندما يقابل بذلك، ويستخدم الشر عندما يواجهه شر أو ما شابه ذلك..
لقد حثنا الله تعالى على الإحسان إلى الجار فقال:( والجار ذي القرب والجار الجنب).. كما حث النبي الأعظم على التعاهد فقال:(إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعهد جيرانك).. ولكن ما نراه اليوم هو عكس ذلك فلا تعاهد ولا تواصل ولا صلة ولا هم يحزنون، بل إذا سلمت من أذى جارك فخير وبركة..
موسى العيزقي
الجار قبل الدار! 1721