;
جلال الوهبي
جلال الوهبي

أسباب التأخر الغربي في دعم الشعب السوري 1844

2012-09-29 03:27:06


نتساءل لماذا يتقاعس العالم بشرقه وغربه عن دعم ونصر الشعب السوري، بل عن الحفاظ عليه، بل عن حمايته من القتل والتدمير والتشريد ونتساءل أيضاً لماذا لا يهتم المجتمع الدولي بما يسمى بحقوق الإنسان للشعب السوري رغم التوثيق ومن أكثر من جهة محلية ودولية محايدة وغير محايدة للجرائم والفظائع التي يرتكبها النظام الأسدي وشبيحته ونتساءل: بماذا تختلف سوريا عن ليبيا؟! هل لأن ليبيا لها حسابات أخرى بحكم أنها لم تكن دولة من الأساس ولأنها لا تملك من المقومات من يبغي الانتظار حتى يتم تدميره أم لأن الغرب له مصالح في ليبيا مستعجلة متمثلة في الطاقة التي تحتويها ليبيا ولذلك كان ينبغي العمل سريعا لحل المسألة الليبية بما يسمح بعودة تدفق النفط الليبي إلى شريان الاقتصاد الغربي .
سوريا كدولة طوق تمتلك ترسانة عسكرية بنيت من عرق الشعب السوري بحجة حماية سوريا من إسرائيل ومن أجل العمل على استعادة الجولان السوري من إسرائيل وثبت أن ما بني لإسرائيل بني بالأساس من أجل حماية الطائفة النصيرية العلوية من الشعب السوري، فيما إذا فكر في الثورة وفي التخلص من النظام الاستبدادي والديكتاتوري الطائفي كذلك فإن سوريا وبحككم أنها دولة حضارية ضاربة في التاريخ وعلى أرضها قامت إمبراطورياً تحكمت العالم فإن لها إرث حضاري وبنية تحتية وثروة بشرية، مؤهلة وكفئة تستطيع أن تصبح أقوى بكثير في حال نجحت الثورة بوقت قصير وتم إنشاء نظام ديمقراطي مؤسسي ودولة مدنية وهذا ما لا يمكن أن يتقبله الغرب ولذلك نستطيع أن نقول إن أسباب التأخر في دعم الشعب السوري وثورته تعود إلى الأسباب الآتية .
أولا لا مصلحة للغرب أو الشرق في انهيار النظام السوري على العكس تماماً، فإن مصالحه تتحقق في بقاء هذا النظام الذي حقق هدوء في المنطقة أحوج ما تكون له أميركا وأوروبا والشرق خصوصاً أن سوريا دولة لها مطالب وأراضي محتلة مع إسرائيل في الظروف الطبيعية تسبب توتراً وتخلق منطقة من أسخن المناطق على مستوى العالم وهذا الهدوء لم يتوفر فيما عداها من جبهات ليس فيها نفس مبررات الجبهة السورية.
ثانياً: فإن هذا الوضع وطول أمد الثورة السورية يوفر أفضل الظروف لاستنزاف إيران اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وحتى اجتماعيا وتعريتها أمام الشعوب العربية السنية التي كانت مفتونة بمقاومتها وممانعتها التي كانت تشترك بهما مع النظام السوري وحزب الله وهذا الهدف قد بدأ يتحقق ويؤتي ثماره من خلال توجيهات مرشد الثورة الإيرانية خامنئي للحرس الثوري وجناحه الخارجي المتمثل بفيلق القدس بأن يركز نشاطاته في سوريا ويسحب نشاطاته من بقية دول العالم في انكفاء اضطراري للسياسة والأهداف الإيرانية بعدما جعلت الثورة السورية النظام الإيراني يعترف بوجود خبراء له في صفوف بشار الأسد بانتظار اليوم الذي تعترف فيه إيران بوجود مقاتلين لها على الأرض السورية يحاربون في صفوف قوات الأسد خصوصا بعدما صدر أكثر من تصريح يقول أن النظام الإيراني لن يقف مكتوفا أمام ما يحدث لحليفه السوري والبعض تحدث عن أن المعركة في سوريا هي معركة إيران وهذا الأمر يشير إلى أن الحرس الثوري وفيلق القدس قد استنزف ولم يعد باستطاعته ممارسة أنشطته العالمية كما في السابق مما جعلها يقلصها ويركز على سوريا حسب أوامر المرشد كذلك فإن تركيز الدعم الإيراني على سوريا سيقلص الدعم إن لم ينهه للشيعة في الخليج والحوثيين في اليمن وفي هذا مصلحة خليجية .
ثالثا بقاء أو طول أمد الثورة السورية يمثل وضعا مناسبا لاستنزاف العمل الخيري وتركيزه على سوريا حسابا على الأنشطة الأخرى التي كانت تقوم بها الجمعيات الخيرية والمتمثلة في مساعدة المحتاجين وأعمال الدعوة الإسلامية في شتى بقاع الأرض من مشرقها ومغربها .
رابعا طول أمد الثورة السورية سيمثل بيئة مناسبة لجلب الجهاديين من جبهات متعددة وإشغالهم بالجبهة السورية وفي هذا مصلحة أمريكية غربية وسيتسبب هذه الجماعات مشاكل للدولة القادمة ما لم يحسن التعامل معها بعد الثورة مع العلم أن هذه المشاكل لن تكون بالضرورة سببها تلك الجماعات.
خامساً: طول أمد الثورة السورية يعني استنزاف الجيش السوري وانهياره تماماً وتدمير بنيته وآلياته وهذا يعني وجود سوق للخبرات الغربية في إعادة تشكيل الجيش السوري ووجود سوق قوي للمنتجات العسكرية الغربية في دولة ما بعد الثورة .
سادساً: استمرار الاهتمام الإعلامي بالثورة السورية سيكون لا محالة على حساب الاهتمام بقضايا أخرى على رأسها القضية الفلسطينية .
سابعاً: طول أمد الثورة السورية يعني أن سوريا ككل ستخرج ضعيفة في كل المجالات وهذا هو الوضع الذي تنتظره إسرائيل لسوريا ما بعد الثورة .
ثامناً: إتاحة الفرصة والوقت لتلميع وتنظيم ما يسمى بمعارضة الداخل والتي هي محسوبة أصلا على النظام عن طريق الاعتقال والحملات الإعلامية ضدها من قبل وسائل إعلام النظام وما شابه من هذه الأمور وخلق الفرصة لها وفرضها كجزء من الحل في مرحلة سوريا ما بعد الثورة بحيث يضمن بقية اللاعبين الدوليين كالصين وروسيا مصالحهم في النظام الجديد من خلال هذه القوى المسماة بمعارضة الداخل والتي ستكون جزء من النظام مما سيتسبب تنازع وتنافس بين الأطراف المشكلة للمشهد السياسي الجديد بحكم الاختلافات الكبيرة والعميقة، مما يضمن بقاء الوضع في سوريا في حالة توتر دائم يوفر ذرائع للتدخلات الخارجية .
ولذلك ومن خلال ما سبق ذكره، فلا يستبعد أن يكون الغرب يدعم النظام السوري سراً لكي تطول الثورة ويطول الصراع كعادة الغرب الذي يغذي صراعات في المنطقة طال أمدها منذ عقود وحتى عندما يتحدث الغرب عن عقوبات نظرية، فهو يكون صادقاً بعض الشيء، حيث أنه يركز على أن العقوبات الهدف منها إضعاف النظام السوري لا القضاء عليه، وليس في هذا الأمر ما يتعارض مع الأهداف الرئيسية للغرب من وراء التأخر في دعم الشعب السوري في ثورته والملاحظ أن في الثورة السورية أن لكل طرف حساباته والذي يدفع الثمن هو الشعب السوري وحده .
jalalalwhby@gmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد