;
فاروق ثابت
فاروق ثابت

ذاكرة نضال : الأستاذ (الرهينة)! 2427

2012-09-28 00:41:28


قبل سبع سنوات من الآن في مثل هذا اليوم ال 26 سبتمبر من العام 2005 كلفني أستاذي الفاضل أسكندر الاصبحي رئيس تحرير صحيفة (الميثاق ) حينها بعمل مادة صحفية حول موضوع عنوانه (ما الذي يتداعى إلى الذهن بعد مرور 43 عاماً على قيام الثورة اليمنية ؟)..!
وعلى رأس الشخصيات الذين تم تكليفي بعمل الاستطلاع معهم الأستاذ الأديب والمناضل أحمد قاسم دماج ... كانت المهمة لي كبيرة وعظيمة رغم بداياتي الصحفية حينها واعتراض هيئة التحرير حينها إلا أن الأستاذ/ الاصبحي قال لهم وبثقة مطلقة بأن فاروق سينجز المهمة بنجاح بالغ)..
في البداية تملكني بعض الخوف، لكن سرعان ما ذهب خاصة وشخصيات كبيرة مناضلة بحجم الأستاذ/ أحمد قاسم دماج ومحمد عبدالسلام منصور والدكتور عبدالعزيز المقالح وآخرين لا يستحضرني ذكرهم الآن ...
لفت انتباهي الأستاذ والأديب الكبير أحمد قاسم دماج وهو يحاول أن لا يكون بارزاً على الأضواء الإعلامية رغم استحقاقه لأكبر من ذلك .. وبعد محاولات معه قال لي بأنه يتداعى إلى ذهنه تلك التضحيات والدماء الكبيرة التي أريقت وقدمت رخيصة من أجل الوطن اليمني ..مستأنفاً: يتداعى إلى ذهني كل ما كان هناك من سواد وظلم وفساد وطغيان وجوع وهلاك وأهلاك .. وتابع : يتداعى إلى الذهن تلك العزائم الفذة من أبناء اليمن الأحرار الذين خرجوا بإرادات وعزائم صلبة فغيروا ولم تعد اليمن بعدهم كما كانت ) .. صمت برهة ثم قال ..أنتهى وختم الحديث بذلك الكلام المقتضب .
أحمد قاسم هذا الإنسان الذي لا يخشى لومة لائم ومعروف بصراحته وصدقه وشهامته هو من الشخصيات الكثيرة التي ناضلت وقدمت أشياء ولم تشاء على نفسها أن تقعد في صدارة المشهد رغم أحقيتها بذلك، لكن النخوة الوطنية وعزة النفس وشعوره المطلق بأن كل شيء يقدم للوطن إنما هو رخيص لأجله وأن التحدث عنه ليس إلا منا يقدم صورة سلبية عن صاحبه الذي بنظره يسعى للشهرة والتلميع .. وأن المناضل الحقيقي بنظره هو الذي خرج يوماً ما مضحياً بروحه وماله وأهله فداء من أجل الوطن والتغيير ولا هدف بغير ذلك نحو جاه أو مال أو سلطان .
كانت هي المرة الأولى التي زرت بها الأستاذ/ أحمد قاسم ولكنها لم تكن الأخيرة، إذ أحسست به رغم كبر سنه أنه صديق حميم لي لم أزره منذ زمن بعيد ..
كل زيارة له أصطحب معي (الولد ) مروان نجله الأكبر .. يعرفني الأستاذ للتو ليقول أهلاً بصاحب الحوبان ) وللعلم فقد كان الأستاذ/ أحمد قاسم رهينة بمعية جدي أحمد سعيد عبده مسجون هناك رهينة أيضاً لدى عكفة الإمام لكنه هو الأخر لم يشأ أن يذكر اسمه ولو في خبر عابر ..

الأستاذ/ أحمد لا يتكلم كثيراً لكنه يصمت وينظر للمتحدثين أمامه ثم ما يلبث أن يأتي بجملة تكفي لأن تكون الخلاصة والتحليل والتمحيص والخاتمة لكل الحديث وبرأي حكيم مناضل مثقف .
أحمد قاسم المعروف ب(الرهينة ) الرواية العالمية التي كتبها المرحوم زيد مطيع دماج يروي فيها (ذاتياً) عن قصة (الدويدار ) أحمد قاسم الذي كان رهينة لدى الإمام وهو في صباه الباكر حينها توثق تأريخا وحقبه زمنية وتفاصيل للزمن المر الذي مر به اليمن في مشهد المناضل الأستاذ/ أحمد قاسم وهو يجسد الأحداث في تلكم الرواية العالمية التي طبعتها اليونسكو إلى ما يربو عن 9 لغات عالمية .. وهذه الرواية لخير دليل على عظمة الرهينة وكاتب الرهينة معاً ..بما سردت من أحداث وأخبار وقصص وخبايا بطريقة إبداعية استخدمت معها الطريقتان السرديتان للراوي الذاتي والراوي الخارجي بتقنية (الفلاش باك ).
أحمد قاسم دماج - رئيس اتحاد الادباء والكتاب الاسبق- عزته ونبله وأخلاقه العظيمة وشهرته جعلته شخصية معروفة لدى الصغير والكبير في البلاد اليمنية مسؤولين ومثقفين وصحفيين ومناضلين وأدباء حتى على مستوى صانعي القرار السياسي ,, وهو مع ذلك لم يتزلف لأحد يوماً ما وبمقدوره دخول القصر الجمهوري لمقابلة السيد الرئيس متى ما يشاء إلا أنه صاحب عزة وكرامة ونفس أبية لا تعرف ذلاً أو امتهاناً .. رغم أنه يقطن في منزل للإيجار لا يملكه ومع ذلك هو سعيد بحياته وفاتح بابه للصغير والكبير للولوج على شرف مائدته الكريمة ومجلسه الذي لا يخلوا من نقاش يهم الوطن بالدرجة الأولى وينبذ العصبوية والفئوية والعنصرية والتطرف ضد أيا كان ..
أخلع قبعتي وأنحني لهذا الإنسان تحية وإجلالاً ووفاء لوطنيته الخالدة وأعتذر عن تقصيري أو تناولي هنا لما لم يعجبه الأستاذ الفاضل أحمد دماج البطل (الرهينة ).
وما أجمل أن يكون المناضل والمثقف والسياسي عاشقاً أيضاً أصطحبكم هنا مع مقطع من قصيدة) رحيق الوهم) للأستاذ أحمد دماج :
((بعضي إنبلاجُ الصبحِ
والباقي تصادره القصيدةُ
لا أستريح إلى سكون الليل،
يعجبني اصطخابُ البحر،
قصفُ الرعد،
بوحُ الزهر،
شدوُ الريح،
عاصفةُ النشيد...
والنبعُ وشوشةُ المنى في النفس
لكن السيولَ إليَّ أشهى.
ما أجمل التوق المجنح
حين يحملني إلى نفسي...
ويحملها إلى الأفق البعيدْ
أنا عاشقٌ
والعشقُ أوله وجيب
وآخر الأشياء ما تهبُ العواصفُ للسهولْ )).

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد