قد يتساءل الكثير منا ما هو الرابط بين ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وثورة الشباب السلمية إذا أن مثل هذه الأسئلة تترك مجالاً واسعاً للجدل يحاول بعض أزلام العائلة الترويج له بمسوغ أن الثورة الشبابية الشعبية أتى امتداداً ومواصلة لخط سيرة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة وأننا كشباب نتحمل على عاتقنا مهمة مواصلة المشوار الذي بدأه أولئك الأحرار حتى ننجز ذلك الحلم الكبير حلم بناء الدولة المدنية الحديثة وهو الحلم الذي سطرت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر أولى شراراته المتقدة حتى الآن والتي ستستمر بتضحيات المخلصين والشرفاء من الشباب والوطنيين ولهذا دعونا اليوم نبحر في دهاليز تاريخ ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وهل كانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر تنادي بالمدنية والدولة الحديثة؟. كلها أسئلة سيتم الإجابة عنها.
(في حنايا تاريخ ثورة السادس والعشرين من سبتمبر).
لا يخفى على أصحاب التاريخ أن من كانت لهم اليد الطولي في التخطيط والتأسيس والتنفيذ لثورة السادس والعشرين من سبتمبر هم عبارة عن مناضلين مدنيين معروفين كانوا يخوضون غمار الحياة المدنية بعيداً عن الحياة العسكرية أو القبيلة برمتها ويتمثل هذا في شخصية العقل المدبر لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المناضل الكبير عبدالرحمن البيضاني وإلى جانبه أيضاً المناضل الكبير عبدالغني مطهر، حيث وضع البيضاني أسس وركائز الثورة السبتمبرية وحددها بأربع متطلبات ضرورية لاستمرارها وهي على النسق التالي :
1. بناء الجيش الذي سيقوم بالانقلاب على الحكم الإمامي.
2. بناء ميناء الحديدة لاستقبال الدعم والأسلحة التي ستساعد الثوار على الصمود حتى إسقاط النظام الإمامي الكهنوتي.
3.إنشاء طريق بين صنعاء والحديدة لضمان وصول الإمدادات بسهولة ويسر.
4.إيجاد العامل الدولي المساند وقد توفر في مساندة القطب المصري.
5.إنشاء إعلام قادر على نشر الرسالة الثورة.
وقد كانت هذه هي المرتكزات الأساسية التي خطط لها البيضاني في التخطيط لإقامة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة وقد توفرت كل هذه المتطلبات وبقي فقط وضع الخطة النهائية لثورة السادس والعشرين من سبتمبر، حيث وضعت الخطة النهائية للثورة والانقلاب بصياغة المناضلين عبدالرحمن البيضاني والمناضل عبدالغني مطهر عندما تم اللقاء بينهما في مدينة جرمش الالمانية ووضعت اللمسات الأخيرة على خطة الثورة، ثم انتقل البيضاني إلى القاهرة برفقة بعض الأحرار لطلب الدعم المصري بينما توجه عبدالغني مطهر لإكمال مستلزمات الخطة التي بنيت على محاورها الثلاثة التالية :
( الاغتيال في تعز)
بواسطة كتيبة العلفي واللقية والتي وفر لها السلاح بواسطة المناضل الكبير عبدالغني مطهر، حيث نقلها إلى تعز من صنعاء ومن ثم الانقلاب والسيطرة في العاصمة صنعاء بواسطة كتائب السلال والعمري، بينما يتم تأمين ميناء الحديد والطريق من صنعاء إلى الحديدة ليتم الدعم وبعد ذلك سيتم تحريك الوطنين من القبائل لقتال بقايا الأنظمة الإمامية وقد تم على نفس النسق الذي خطط له حيث انطلقت ساعة الصفر في يوم التاسع عشر من سبتمبر 1962 م حيث قتل الإمام بواسطة خلية الشهيد العلفي والمناضل اللقية في تعز.
(الانقلاب في صنعاء)
بينما في عشية الخامس والعشرين من سبتمبر يأتي دور البطل الثوري الكبير عبدالله السلال الذي استطاع في فترة قصيرة جداً، فقام بالدعوة للاستنفار الثورة وإعلان حالة التعبئة العامة وأمر بفتح مخازن الأسلحة وتوزيع الأسلحة على الضباط المعدين لأداء المهام حسب الأوامر التي ستصلهم وقد تم فتح مخازن الأسلحة بأوامر من البطل عبدالله السلال الذي كان يشغل منصب قائد الحرس الإمامي آنذاك وبواسطة أوامر منه كان من السهل فتح المخازن واستيلاء الثوار على المعدات والأسلحة وانطلقت وحدات من الضباط الأحرار بعتاد 13 دبابة وعربتين مصفحتين وعربتي مدفع مضاد للطيران ونشر عبر مكبرات الصوات ندائات من قبل الثوار مطالبين بقايا النظام الإمامي الاستسلام وتسليم الإمام البدر فقوبلوا بالرفض وبدأ الاشتباك وحصلت اشتباكات عنيفة حتى استسلمت قوات النظام الامامي صباح اليوم التالي السادس والعشرين من سبتمبر.
(استكمال تأمين طريق صنعاء الحديدة)
وتحقق النصر المظفر الذي زغردت له قلوب الشعب بأكمله من أقصاه إلى أقصاه وفر الإمام هارباً إلى حجة بينما عمد الثوار إلى استكمال المرحلة الثالثة وهي تأمين الطريق بين صنعاء والحديدة لوصول الدعم المصري حتى يتم استكمال إسقاط المملكة الإمامية المستبدة واستطاع العقيد العمري اكتساح مبنى الإذاعة لإعلان ميلاد الجمهورية العربية اليمنية كما كانت تسمى آنذاك وبهذا يكون قد تمت الثورة وبنجاح حسب ما خطط لها الأحرار وعلى رأسهم المناضل الكبير عبدالرحمن البيضاني والمناضل الكبير عبدالمغني مطهر.
هذه هي قصة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة ويستطيع أي قارئ وأي باحث أن يشاهد أن المخزون المدني من الشخصيات التي كانت تمثل العقل المدبر والدينامو المحرك للثورة ولجحافل الشعب امثال البيضاني وعبدالغني مطهر ومطيع دماج والشيخ ناشر العريقي، إضافة إلى القيادات العسكرية أمثال السلال والعمر واللقية وغيرهم.
وبالمقارنة بين تاريخ وأهداف ثورة سبتمبر وأهداف ثورة الشباب يتبين للجميع أن الثورة الشبابية هي امتداد للثورة السبتمبرية المجيدة وكلها تصب في مصب واحد وهو بناء الدولة المدنية الحديثة دولة العدل والبناء والمواطنة المتساوية ومن هنا ومن هذا المنطلق أقول هذه النتيجة المطلقة:
(من كان يؤمن بثورة السادس والعشرين من سبتمبر فسيكون أول المنضمين والمؤيدين لثورة الشباب السلمية).. وفي الأخير أطرح تسائلاً لبقايا العائلة وأولئك الأبواق الذي يروجون أن ثورة الشباب أتت لتمحي الثورة السبتمبرية وأن البقاء تحت كهنوت صالح نوع من أنواع الحفاظ على الثورة السبتمبرية ومنجزاتها.. فكيف يكون ذلك؟؟ هل يكون أي اختلاف أو تمايز بين أهداف ثورة سبتمبر وثورة الشباب.. كلها أسئلة تريد الإجابة..
عثمان الصلوي
رحلة في حنايا تاريخ ثورة سبتمبر 2008