بعد مرور خمسين عاماً من عمر الثورة السبتمبترية المجيدة ما زال هناك من يحلم بإعادة عقارب الساعة للواء، وإعادة واستعادة الحكم الإمامي الكهنوتي البغيض، ولم يستفيدوا من الدروس ولم يعوا حقائق التاريخ والجغرافيا وتغيرات الزمان وإن ما حدث في 26 و27 سبتمبر 1962م الموافق 28 ربيع الآخر 1382هـ هو ثورة كبرى ووثيقة عظمى قام بها الشعب اليمني واقتلع الإمامة من جذورها.
واليوم وبعد نصف قرن فإن اليمنيين أكثر وعياً وقدرة على الحفاظ على الثورة والجمهورية والتصدي لأي حماقات أو مغامرات قد يقوم بها بقايا الإمامة ومخلفات الكهنوت، بالإضافة إلى ذلك فإن الإمامة في حد ذاتها فكرة منحرفة وثقافة باطلة وسلطة غاشمة وظالمة، تقوم على أساس عنصري وسلالي بغيض ومقيت ومرفوض من قبل الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني، إنها فكرة وثقافة تصادم الدين والفطرة وتتناقض مع الحرية والعدالة والمساواة.
واليوم ونحن نحتفل بالذكرى الخمسين نتذكر ملحمة السبعين يوماً والتي كانت أخطر تحدٍ وتهديد للثورة السبتمبرية والجمهورية، لقد استطاع الإماميون وفي أوائل ديسمبر 1967م أن يحاصروا العاصمة صنعاء بهدف إسقاط النظام الجمهوري، وبالفعل فقد كان التحدي كبير والتهديداً خطيراً فالقوات الإمامية أصبحت على مشارف العاصمة صنعاء وحصارها، وكان إعلام الإماميين يعلن عن سقوط صنعاء ونهاية النظام الجمهوري كجزء من الدعاية والحرب النفسية لإضعاف معنويات اليمنيين والقوات الجمهورية الشعبية، وفي هذه الحرب استعان الإماميون بالمرتزقة والخبراء العسكريين والسياسيين الأجانب، فقد كان المستشار السياسي للإمام بدر (بروس كوندة) بينما كان مستشاره العسكري (نتوني يويل)، بالإضافة لأعداد كبيرة من المقاتلين المرتزقة من عدة دول أفريقية وأوروبية وأميركية ومن الكيان الصهيوني الذي دعم الإماميين بالأسلحة والعتاد والخبراء والمدربين.
وفي مقابل ذلك تكونت المقاومة الشعبية في مختلف مدن الجمهورية للدفاع عن صنعاء والتعاون مع القوات المسلحة والتصدي للقوات الإمامية ومن معهم من المرتزقة، وخلال سبعين يوماً من 1 ديسمبر 1967م إلى 8 فبراير 68م استطاع اليمنيون دحر فلول الإمامة الذين تحطمت آمالهم وأهدافهم أمام الالتفاف الشعبي والزخم الجماهيري وقبل ذلك التأييد الإلهي الذي أحاط بالثورة والجمهورية وتم دحر وطرد وهزيمة الإماميين والعنصريين وتثبيت دعائم وقواعد النظام الجمهوري وبذلك الانتصار العظيم كانت فرحة اليمنيين الذين كانوا وما زالوا وسيظلون على إدراك تام ووعي كامل بخطر الإمامة والإماميين.. فنحمده تعالى إذ هدانا ومن داء الإمامة قد شفانا حسب تعبير الشاعر الكبير الأستاذ/ علي بن علي صبرة رحمه الله في رائعة من روائعه الشعرية والتي منها هذه الأبيات:
قصفنا الظلم والطغيان قصفاً
وحطمنا الهياكل والأوثانا
فنحمده تعالى إذ هدانا
ومن داء الإمامة قد شفانا
فمن يحلم بكابوس ثقيل
وكزناة يرعانا أو سناناً
فقل للواهمين وقد تمادوا
حمار عزير قد أمسى أتانا
ورأس الحية الرقطاء باق
يحرك بين شدقيه لا اللسانا
ويحقن جيلنا سماً زعافا
ويورثه العدواوة والعفانا
حذاري يلعبوا بالنار بغياً
ستشعل بيننا حرباً عوانا
فهل يتورعون وقد أتاهم
حديث الفصل وإذ سمعوا البيانا
أفيقوا لا أباً لكم أفيقوا
فقد وضح المخبأ واستبانا
فما سبتمبر إلا عطاء
على عهد به انعقدت يدانا
فنحمده تعالى إذ هدنا
ومن داء الإمامة قد شفانا
عبد الفتاح البتول
في الذكرى الخمسين وملحمة السبعين: نحمده تعالى إذ هدانا ومن داء الإمامة شفانا 2040