تشهد بعض مؤسسات الدولة وقطاعاتها المختلفة حالات من الاستنفار.. جراء ترقب وصول تسونامي التغيير إليها، حيث يحاول البعض وبكل ما أوتوا من قوة التمسك بمناصبهم القيادية، والحفاظ عليها، خصوصاً أولئك الذين ظلوا بمناصبهم لسنواتٍ طويلة، حتى صارت بالنسبة لهم ( البقرة الحلوب) التي تدُر عليهم أموالاً طائلة يحصلون من خلالها على كل ما لذ وطاب.. لقد حولّ الكثير من الفاسدين في قطاعات الدولة الوظيفة العامة إلى ملكية خاصة، فصارت بالنسبة لبعضهم ( حق مقدس) وخط أحمر لا يمكن الحديث عنها أو الاقتراب منها.. حيث سيطر عديمو الكفاءة وقليلو الخبرة على العديد من المؤسسات والهيئات منذ سنوات حتى تعمقت جذورهم، واستوطنت، ووصل الأمر عند البعض إلى توريث الوظيفة ونقلها لأبنائهم وأبناء أبنائهم من بعدهم.. والذين قد لا تنطبق عليهم أدنى شروط ومعايير شغل الوظيفة.. نظراً لعدم خبرتهم أو لفارق سن بعضهم،وهذا الأمر أيضاً بات مُشاهداً وواقعياً والأدلة والشواهد على ذلك كثيرة ولا يتسع المجال هنا لذكر بعضها..
إننا بأحوج ما نكون إليه اليوم تفعيل القوانين واللوائح المنظمة لعمل القطاع الحكومي، لاسيما تلك التي تحُد من تفشي ظاهرة الفساد والمحسوبية.. كما ونحن بحاجة ماسة إلى عمل غربلة شاملة لكافة المؤسسات والدوائر المختلفة.. لإخراج الصالح من الطالح، والغث من السمين، والعمل على مكافأة المخلصين، ومحاسبة المقصرين.. كذلك العمل على تفعيل دور القضاء وجهات الرقابة والمحاسبة، والحرص على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ووفق قواعد وأسس إدارية صحيحة، وبعيداً عن الواسطة والمحسوبية، والصلة أو القرابة، أو الانتماء السياسي أو الطائفي أو المناطقي.
كذلك العمل على تطبيق سيادة القانون وفرضها على مختلف مؤسسات الدولة ومرافقها، وذلك للحد من تفشي الفساد الذي بات يهدد مستقبل البلاد والعباد.. هذا مع ضرورة أن يدرك الجميع أننا اليوم أمام عملية تغيير شاملة، ما يعني ضرورة طي صفحات الماضي والتطلع إلى المستقبل بروح رياضية عالية، والترفع عن الأحقاد والإضغان، والابتعاد عن الفساد قدر الإمكان، والولوج في مرحلة التشييد والبناء الحقيقي.. بعيداً عن الارتماء في أحضان أعداء الوطن، ومسببي المشاكل والفتن، فالمرحلة الحالية مرحلة استثنائية بامتياز، والتغيير الجذري بات مطلباً أساسياً ولا مناص منه، كما بات ضرورة حتمية حتى يتم الفصل بين مرحلتين مرحلة مضت ومرحلة لا زالت تُحلق في الأفق ..
لذا يجب علينا جميعاً كمواطنين أولاً، وكتاب وصحفيين وناشطين حقوقيين ثانياً، يجب علينا أن نرقب الوضع، ونرصد التجاوزات والاختلالات، وتعقب المتسببين بذلك والعمل على التشهير بهم، والتعبئة ضدهم حتى يرتدعوا أو يُقدموا للعدالة لينالوا جزائهم العادل لقاء ما اقترفوه بحق المواطن والوطن.. وكفى.
موسى العيزقي
التغيير كضرورة حتمية!! 1821