تجبرني بعض المواقف على أن أتمنى لو كُنتً رجلاً رغم اعتزازي بكوني أنثى وأم لا تعرف وجه اليأس أبداً، لكن ولأني أنثى أعجز أحياناً أن أمد يدي لمساعدة شيخ كبير خانته عصاه أن يجد موطئ قدم له على رصيف يكتظ بالمارة الذين يعانون عمى البصيرة، أو قد أتمنى أن أصبح رجلاً حين أمر على مجموعة من الشباب يتعارك البعض منهم لدرجة الاقتتال ويبقى الآخرون كمتفرجين أمام شاشة عرض مجانية أو قد تجبرني تلك الحمية التي تسكن قلبي على أن أتمنى لو كُنت رجلاً حين تنكسر أنثى داخل باصات المواصلات العامة على نفسها بصمت والمعتوهون من أرباب الغواية يراودون طرفها على الخضوع فألحظ انتفاضة جسدها تتجاوز الرداء الأسود لتبدو مثل طائر ذبيح خوفاً وحياءً ورغبة مؤودة بالانتقام لعفة حواسها الطاهرة، أو لعلي تمنيت أن أكون رجلاً في ذلك اليوم الذي عاث فيه المفسدون في الأرض وكان أحد المارة في شارع جمال صيداً سميناً بالنسبة لهم، الجميع أكتفوا بالنظر ولم أستطع إلا أن أسجل رقم سيارة قيل لي فيما بعد أنها سيارة فلان أبن فلان فلا تجازفي بالإبلاغ عنها!
كثيرة هي المواقف التي أتمنى فيها لو كنت رجلاً، فالذكور كثيرون لكن ليسوا جميعاً رجالاً، والإناث كثيرات لكن ما كلهن نساء!.
اعترف دائماً بأن خطوطاً حمراء تقف أمام كل امرأة خاصة في مجتمع يرى فيه الذكورة مغنماً والفحولة هبة، لكن لا يجب أن نفهم أن تلك الخطوط الحمراء قد توقف المرأة في منتصف المسافة بين غاية ممكنة ووسيلة غير ممكنة وكل ما يجب علينا فعله كنساء أن نجدد في نوع الوسائل المستخدمة لتحقيق تلك الغاية الممكنة مهما كانت صعبة أو متعبة، فالمهم أن لا نبدو كسربٍ يغرد خارج حدود السماء حتى لو لم نملك الأجنحة، لأن أهم ما يمكن أن يميز المرأة أن ترعى العُش لا أن تسكن القفص!.
قد تلومني بعض بنات جنسي لكني أؤمن فعلاً أن حدوداً معينة لا يمكن أن تتجاوزها المرأة ليس لضعفها أو لقصورٍ في شخصيتها أو تركيبتها الجسمانية أو النفسية، بل لأن لدينا ميراثاً ذكورياً ضخماً وأسواراً اجتماعية عالية وسلوكيات تربوية ضحلة تجعل من شهامة المرأة وسعيها خلف الحقيقة ومصداقيتها في الطرح (قلة حياء) منها في أعين الذين يكذبون ولا يصدقون ويقولون ما لا يفعلون ونرجو من الله ما لا يرجون!.
ألطاف الأهدل
لو كُنت رجلاً لفعلتها..! 2372