;
محسن خصروف
محسن خصروف

في ساحة الثورة.. نختلف لكننا لا نتضاد. 2526

2012-09-24 02:18:58


حين اتصل بي المقدم "ن س" وقد كان أحد ضباط الشرطة الذين انضموا للثورة الشبابية الشعبية السلمية، قبل أسبوع وطلب مني أن أنضم إلى ملتقاهم الجديد المسمى: " الملتقى الوطني العسكري للقوات المسلحة والأمن، الهادف إلى تحييد مؤسستي الدفاع والأمن من الاستقطاب الجاري في ساحة الصراع السياسي القائم بين قوى سياسية عديدة، حين تلقيت ذلك الاتصال، وبعد أن فهمت مطلوبه، لم يكن الانضمام لملتقاهم وارداً بالنسبة لي، فأنا عضو في الهيئة التنفيذية لاتحاد القيادات الإدارية والدبلوماسية في ساحة التغيير، ورئيس دائرة الدفاع والأمن فيها، أي أنني ممن يؤيدون بقوة واستمرارية الثورة الشبابية الشعبية السلمية، لكني لا أخفي أعزائي القراء على وجه العموم ورفاق ساحة التغيير بشكل خاص والزملاء في قيادة وأعضاء اتحاد القيادات الإدارية والدبلوماسية بالساحة على وجه أخص، أنني قد انتابتني نوبة فرح وأمل بفعل ذلك الاتصال ، لأنني أؤمن إيماناً راسخاً لا يتزعزع بضرورة ألا تكون المؤسستان العسكرية والأمنية محل استقطاب سياسي، وأن يكون كل منتسبيها بعيدين، تماماً، عن أي انتماء حزبي أو تحيّز عصبوي، مذهبياً كان أو مناطقياً أو قبلياً أو ما شابه ذلك، لأنهما مؤسستا الشعب الأهم، المنوط بهما تحقيق استقراره وأمنه الشامل، وذلك بالطبع لا يمكن أن يتحقق إن صارتا رهينتين للاستقطاب السياسي أو ما لا دون الوطني، وفي سبيل تحقيق ذلك تقدمت أنا وزميلي في الساحة والاتحاد وصديقي العزيز المناضل السبتمبري الرائع اللواء الركن بحري أحمد محمد لقمان بمشروع مقترح لإعادة هيكلة القوات المسلحة ورفعناه لأكثر من جهة معنية ونشرناه في أكثر من وسيلة إعلامية، ثم تقدمت بمشروع متكامل أوسع وأكثر تفصيلاً لنفس الغرض، وكتبت أكثر من مقال ودراسة تتناول إعادة هيكلة مؤسستي الدفاع والأمن وضرورتها وغاياتها والخطوات المنطقية المطلوبة للوصول إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية من العملية المستهدفة، وبما يفضي إلى إيجاد مؤسستين للدفاع والأمن خاليتين من أية مراكز للقوة والاستقطاب أو التعالي على القيادتين العسكرية والأمنية، أو أي ادعاء بالتملك والحق الخاص فيهما، أو أي حق في توارث قيادتهما أو ديمومة قيادة البلد من خلال السيطرة عليهما.
وارتفعت نسبة الأمل حين شارك في مهاتفتي من الطرف الآخر صديق عزيز على قلبي ومحل اعتزازي الدائم به كشاب مستنير ومتميز برجاحة العقل وبُعد النظر والصفاء في التعامل مع الآخر ليؤكد لي ما قاله زميله المشار إليه أعلا بالحرفين الأولين من اسمه. تبع ذلك في اليوم الثالث زيارة قام بها هذا الصديقي الرائع إلى منزلي وقدم لي دعوة لحضور اللقاء التشاوري الأول للملتقى الوطني العسكري للقوات المسلحة والأمن في يوم السبت الموافق 22/9/2012م الساعة التاسعة والنصف صباحاً، وقبلت الدعوة شاكراً بيقين أن هذا الملتقى ليس إلا أحد صور التباين في الساحة وليس من خارجها، ولكن ربما أنه سيكون بعدد أكبر من الضباط الثوريين الذي يهمهم بالفعل أن تظل القوات المسلحة والأمن بمنأى عن أي استقطاب سياسي أو طائفي، وأن تحتفظان بوطنيتيهما وانحيازهما الكامل للشعب ومصالحه العليا وحقه في الحرية ببعديها السياسي والاجتماعي.
حضرت في الموعد المحدد، وفي بوابة قاعة الخطيب الكائنة غرب جسر المالية مباشرة صدمني منظر عدد من الجنود المسلحين بالزيّ العسكري وبكامل أدوات القتال الفردي، يشرف عليهم ضباط يرتدون زيّ الحرس الجمهوري والشرطة العسكرية، فقلت لنفسي، رغم الصدمة: ربما أن هؤلاء ثوار، ولكن كيف؟
وحين دلفت إلى الصالة برفقة مجموعة من الضباط الذين احتفوا بي، وهم من مختلف الرتب، ودفعوني إلى الصفوف الأولى، فاحت على الفور رائحة النظام السابق "رأسه وأخمص قدميه" وتجلّى ذلك في رموز سياسية وفكرية وإعلامية صارخة، بالإضافة إلى كاميرات قناتي اليمن اليوم وأزال المملوكتين، على التوالي، لأحمد علي وحليفه الكبير الشيخ/ محمد بن ناجي الشائف والمعروفتين بولائهما المطلق للرئيس السابق صالح.
لم يبهرني الاستقبال الطيب الذي أبداه المشرفون على الملتقى، وعدد آخر من الحضور، لأن الخيبة كانت قد أصابتني من أول خطوة خطوتها في الصالة. بل لقد انتابتني الفجيعة حين رأيت بأم عيني كيف يستطيع أصحاب المصالح في غمرة دفاعهم المستميت عنها أن يخدعوا، بذكاء وحيلة، بعض الوطنيين الشرفاء حسني النية، الذين رأيتهم يبدون حماساً منقطع النظير للملتقى ظناً منهم أنه بالفعل مستقل وأنه سيحقق الاستقلال التام للقوات المسلحة والأمن بإبعادها عن دوائر الاستقطاب السياسي والعصبوي.
الأغلبية منهم صادقون ويسعون إلى ما لا نختلف عليه وما نناضل من اجله، لكن بوعاء غير مناسب، يجري استغلاله بذكاء شديد.
وكما كان واضحاً، لم يستوعب الزملاء الطيبون الحضور القوي لرموز صالح الفكرية والإعلامية والسياسية والعسكرية، لم يستوعبوا معنى أن تتولى قناتا: " اليمن اليوم" و" أزال" تغطية فعاليتهم؟ وبرغم حسن نوايا الأكثرية منهم وصدق وطنيته ، فإنهم لم يستوعبوا أن أحداً لا يمكن أن يصدق حياديتهم، وسيكون واضحاً لكل ذي عقل أنها فعالية لمؤيدي صالح في القوات المسلحة والأمن وحلفائه الجدد، وأنها واحدة من صور المواجهة للثورة الشبابية الشعبية السلمية تحت مبرر الخوف من/ والخلاف مع/ التجمع اليمني للإصلاح وتعبيراً عن رفضه، وكذلك الخوف من طموح اللواء علي محسن الأحمر والاختلاف معه!!
لن يصدق أحد ذلك لأن الخلاف مع أي منهما، بالنسبة للثوار الحقيقيين، لا يبرر الإرتماء في حضن علي عبد الله صالح ونجله، وإلا فما معنى أن يصف أي منهم نفسه بأنه ثائر؟ وكيف يمكنه أن يقنع أي عاقل بثوريته؟ أو بنزعته الحيادية؟ أو بصدق رغبته في إبعاد القوات المسلحة عن الاستقطاب السياسي؟
يمكنني أن أعلن بصوت عال، وعبر الصحافة، أنني أختلف مع بعض مما يتبناه حزب التجمع اليمني للإصلاح، وكذلك الحال بالنسبة للواء الركن/ علي محسن صالح، فالاتفاق أو التطابق التام غير ممكن، والرؤى لا شك متباينة، لكن ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يؤدي إلى الهروب من ساحة الثورة إلى حضن الذي استهدفته الثورة، وظل الثوار يطالبون بإسقاطه عاماً كاملاً، وما يزالون يطالبون بمحاكمته، ودفعوا في سبيل ذلك أنهاراً من دمائهم ومئات الشهداء وآلاف الجرحى والمعوقين من الشباب والكهول والشيوخ، الذكور منهم والإناث، لا يمكن الوقوف بالتضاد مع الشركاء في الثورة، لا يمكن المساواة بين من قتل الثوار ومن حمى الثورة وناصرها، أياً كانت أخطاؤه التي يتحدث عنها البعض، لأنها لا يمكن أن تتساوى بالعداء المطلق البيّن للثورة والثوار وسفك دمائهم، نتعارض حول بعض المفهومات والوقائع والسلوكيات و النوازع الصغيرة، لكننا لا يمكن أن نتضاد في الساحة.
بعد عشر دقائق من دخولي إلى صالة الخطيب غادرتها فور الانتهاء من الاستماع وقوفاً إلى السلام الوطني وسط اندهاشُ وأصوات العشرات من الزملاء الذين أكن لهم المحبة الكبيرةُ، ولكنه الموقف الذي لا ينصرف على أكثر من رغبة، هو موقف ثوري واحد لا ثاني له، وحين نرى من الشركاء ما يتضاد مع ما خرجنا من أجله، ساعتها سيكون لكل حادث حديث، لكنه بالتأكيد لن يكون حديث العودة إلى حضن من ثرنا عليه أو أي ممن يتحلقون حوله مهما كانت لبوسهم، وهذه رسالة ينبغي أن يقرأها ويستوعبها الشركاء وكل الوطنيين، لاسيما أولئك الذين قد تجرهم نواياهم الحسنة إلى مواقف لا ترضيهم حين يكتشفون حقيقتها المعادية لثورة الشباب الشعبية السلمية وآمال الشعب في الحياة الكريمة.
النصر للثورة الشبابية الشعبية السلمية.
المجد للشباب الثوري المسالم الأعزل الذي تحدى وهزم كل أدوات القهر والقتل الفتاكة وجعلها بسلميته وصمود إرادته وقوتها غير ذات معنى أو جدوى.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد