سلام عليكم أيها الإصلاحيين رجالاً ونساءً, صغاراً وكباراً, شيوخاً وشباباً, سلام عليكم في ربوع الوطن الحبيب, شماله وجنوبه, شرقه وغربه, ريفه وحضره, سلام عليكم أينما كنتم, وحيثما وطأة أقدامكم, في أعالي القمم والجبال, وفي السهول والوديان, في الكهوف والسدود, في البحار والجزر والأنهار, وأينما وليتم وجوهكم شطره.
أيها الإصلاحيون وأنا منكم: ها أنتم تحتفلون بمرور 22 عاماً على تأسيس حزبكم العظيم الذي كان ولا يزال لليمن عنواناً, وللخير ميداناً, وللنضال وساماً, وللتضحية مكاناً, وللثورة سباقاً, تعلمتم فيه الصبر والمصابرة, والثبات والمرابطة، لم تبخلوا عليه بوقت ولا مال، ولم تتأخروا عنه لمرض أو أعمال، ولم يقلل جمعكم حراً ولا برداً، ولم يفرقكم تكالب الخصوم عليكم بل ازددتم تماسكا وصلابة ووهجاً ومنارة، قابلتم الظلم بالعدل، والقسوة بالرحمة، والجبروت بالتسامح، والعدوان بالقنوت والصلاة، تركتم السلاح وناضلتم سلمياً فكان لنضالكم السلمي من شعارات مؤتمراتكم المحلية والعامة نصيبا عنوانها (النضال السلمي طريقنا لنيل الحقوق والحريات)، فأسستم ثقافة السلمية لدى شبابكم ونسائكم، فربوا الناس وتربوا عليها، فلم تضيع جهودكم هباءً، ولا أعمالكم هدراً، وها أنتم اليوم تحصدون ثمرة جهودكم المباركة التي صنعتموها مع شركائكم في النضال وفي مقدمتهم أحزاب اللقاء المشترك وكافة الشرفاء والخيرين من أبناء هذا الوطن الحبيب الذي سيسجل لهم التاريخ مواقفهم المشرفة هذه بأحرف من نور، كيف لا وقد انحازوا لمطالب شعبهم بكل فخر واعتزاز..
أيها الإصلاحيون: لقد استمر نضالكم صيفاً وشتاء، شمساً ومطراً، قتلتم في الساحات والمسيرات واحتسبتم الشهادة،، وأقمتم لكل شهيد عرس فكان الموت كرامة والشهادة عزة، جرحتم فكان الجرح وساماً واختطفتم وسجنتم وعذبتم فخرجتم أكثر إصراراً، فضلتم وأوقفتم فلم تلن لكم قناة ولم تستجدوا أحداً،لان هدفكم واضح؛ وطريقتكم بينة، ومبدأكم عظيم، وايمانكم عميق وثقتكم بنصر الله مطلقة
أيها الإصلاحيون: قد يسبق الحرث الزرع، ويتقدم الجرح البرء، والدواء الشفاء ؛ والألم الراحة، والمخاض الولادة، ليعلم الدرس وتفقه الحكمة وتعمل السنن، لأنه لا ينهض إلا من كبى ولا يصحوا إلا من نام ولا يتنبه إلا من سهى، ولكن الحرث يحتاج إلى زارع والجرح يحتاج إلى مطهر؛ والألم يحتاج إلى دواء، فكنتم كذلك أيها الإصلاحيون وبكل فخر واعتزاز..
أيها الإصلاحيون: لقد مثلتم لشعبنا الري الساري في الحياة، والظل الوارف في الهجير، لكم نفوس لا تهدأ ؛ وجهد لا يكل ؛ وطريق لا يحيدً، أوقفتم الهدم المتواصل، ورفعتم أساس السلم، وقضيتم على الركود الآسن والاسترخاء المزمن، وعالجتم التسيب المزري والانحطاط المتأصل، والتدني المهلك، زرعتم العقيدة والإيمان ورفعتم الرأس والهمة، حكمتم أنفسكم، وأحكمتم خطاكم أحببتم الشعب فأحبكم؛ وصدقتموه فاحترمكم؛ وضحيتم من اجله فقدركم، حفظتم العرض وقدستم الحريات، جمعتم ولم تفرقوا وشاورتم ولم تستبدوا، كنتم لليتيم أباً وللأرملة أهلاً وللمصاب أخاً، لكم في الجهالة حلماً؛ وفي الحق علماً؛ وفي الرأي قدماً، وفي البأس قلباً، وفي النزال رجولة وفي الشدة صدقاً.
لكم فهم لا يختلط بالغباء، وفكر لا يلتبس بالجهل، ويد لا تدس بالحرام ؛ وثياب لا تلطخ بالإثم، وهمم لا تثبط بالنفاق، لكم آمال تطاول النجوم، وأماني تحلق فوق الشهب، وعزائم تصارع الأفلاك، ونظرات تكشف المؤامرات، وعيون ترى ما لا يراه الناس
أيها الإصلاحيون: لقد عرفكم التاريخ ووعتكم الأيام، ولمحتكم الشعوب، ورفعتكم المواقف، وخلدتكم الصحائف، مسيرتكم الإصلاح لها عبير، وخطواتكم لها أريج، ونضالكم له سمات، وكلماتكم لها نور، ظهرتم على قدر، وبرزتم لميعاد، وأتيتم بتوقيت نادتكم الحاجة، واستغاث بكم شعب مظلوم، وناشدتكم القيم والإيمان، وأيقظكم الواجب؛ زرعتم الأمل فتقبل الله العمل؛ وأنها لدعوة ماضية، وفعل مستمر، ونضال طويل ..
فعلى بركة الله سيروا، وعليه توكلوا، شعاركم "واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليه ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون".. الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والعاقبة للمتقين.
ياسر الجابري
إلى الاصطلاحيون في عيدهم ال22 2146