إن المسلم الحق لا يمكن أن يقوم بمثل هذا الدور لا واعيًا ولا مستغفلاً؛ لأن إسلامه يمنعه أن يتلقى التوجيه من أعداء الإسلام، وهذا هو الدين لا يمين ولا شمال، وإلى هذا المعنى لفت النبي صلى الله عليه وسلم الأنظار في حواره الرائع مع حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، حذيفة بن اليمان الذي كان يسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الشر مخافة أن يدركه، حوار طويل جدًا، وجميل جدًا، لن نذكره كله وهو في البخاري لمن أراد الرجوع إليه، لكن نقطة مهمة جدًا تخصنا الآن، فبعد أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيأتي زمان على أمتي سيكون فيه الخير ولكن سيكون فيه دخن سأل حذيفة: وهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نَعَمْ.ثم نأتي الآن إلى الشر الذي زخم العقول الشريرة والتي نزع من قلوبها الخير وتكرر سيناريو الهجوم على نبي الرحمة المهداة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.
فقد نقلت صحيفة معاريف عن سام باسيل المخرج الإسرائيلي الأمريكي للفيلم المسيء للنبي محمد مزاعمه "أن هدفه من الفيلم محاربة أفكار الإسلام وجهل المسلمين، وأنه في المقام الأول فيلم سياسي سوف يساعد إسرائيل في كشف عيوب الإسلام أمام العالم أجمع. وزعم باسيل أن الفيلم يظهر بربرية المسلمين وهمجيتهم من خلال الإحراق والقتل واصفا بوقاحة النبي محمد بالمخادع. وعبر باسيل عن أسفه لمقتل أمريكيين في ليبيا داعيا أمريكا أن تتخذ موقفًا وتعمل على تغيير وضع التأمين لدبلوماسييها.
وأكد "باسيل" أن هذا الفيلم قام مئات من اليهود بتمويله فهو صناعة إسرائيلية أمريكية مصرية, مشيراً إلى أن ما يحدث من احتجاجات واشتعال في مصر وليبيا هو هدف من أهداف الفيلم.
المخرج الإسرائيلي الأمريكي للفيلم المسيء لرسول الله سيدنا محمد(ص) سام باسيل زعم خلال تصريحاته إلى صحيفة "معاريف "وواصل زعمه قائلاً: إن الفيلم يعمل على إظهار بربرية المسلمين وهمجيتهم من خلال الإحراق والقتل واصفاً النبي بألفاظ (يعجز اللسان والقلم عن ذكرها يعقد أقباط المهجر في الولايات المتحدة ودعاة تقسيم مصر وإقامة دولة قبطية، وأبرزهم موريس صادق، الذي أُسقطت عنه الجنسية المصرية، وعصمت زقلمة، المعروف برئيس الهيئة العليا للدولة القبطية، المزعومة، بالاشتراك مع القس الأمريكي المتطرف، تيري جونز، صاحب دعوى إحراق المصحف الشريف، اليوم، ما سموها «محاكمة شعبية للرسول»، عليه الصلاة والسلام، في ذكرى أحداث هجمات سبتمبر، داخل كنيسة القس في ولاية فلوريدا، وسط تغطية إعلامية كبيرة من القنوات التليفزيونية الأمريكية المحلية. وتشكل المحاكمة من القس وايتنى ساب وتيد جيت وأسامة دقدوق، ويشترك بها كمراقبين موريس صادق، وإيليا باسيلى، وإيهاب يعقوب، وتسعى لتحميل الرسول عليه الصلاة والسلام مسئولية هجمات سبتمبر، والتشكيك في الإسلام، وأنه ليس رسالة سماوية بل هو اختراع بشرى، وأنه لا يحمل سلاماً للأرض بل يحرّض على كراهية البشر وسفك الدماء، وذلك من أجل إصدار حكم بالإعدام في حق الرسول عليه الصلاة والسلام، وأطلق المتطرفون على المحاكمة «اليوم العالمي لمحاكمة محمد».ومن المقرر أن يعرض منظمو المحاكمة فيلماً مسيئاً للرسول صلى الله عليه وسلم، قبل بدء المحاكمة، من إنتاج الهيئة العليا للدولة القبطية المزعومة التي يترأسها كل من عصمت زقلمة، وموريس صادق، والذي استغرق إعداده 3 سنوات، ومدته 3 ساعات، وجرى إعداد نسخة مدبلجة له باللغة العربية. وقال سام باسيل، مخرج الفيلم، إنه استند في تجسيد شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الكتب والمراجع الإسلامية المعروفة التي تكلمت عن حياته، دون أن يذكر تلك المراجع والكتب، يبدأ الفيلم المسيء بمشهد لطبيب مصري مسيحي، يعتدي عليه بعض السلفيين الذين يظهرون فى صورة بربرية، تحت حراسة الشرطة التي تقف تشاهد ما يحدث دون أن تتدخل، ويبدأ هذا الطبيب يحكى لزوجته وابنته قصة حياة الرسول عليه الصلاة والسلام. ويصف الفيلم الرسول بـ«ابن الزنا» ويستهزئ به وبالوحي والسيدة خديجة رضي الله عنها، ويتضمن مشاهد جنسية للنبي عليه الصلاة والسلام مع السيدة خديجة، ومع بعض زوجاته، ويتمادى في تطاوله بأن يصفه بالشذوذ الجنسي، وأنه كان يجامع سيدنا زيد ابن حارثة. ويصور الفيلم مشهد زواج النبي من السيدة عائشة وهى طفلة صغيرة، كما يظهر الرسول بأنه «شهواني» يحب النساء وأنه قتل شخصاً أمام زوجته وعاشرها، لتكتشف نساء النبي رضي الله عنهن ذلك، فتقوم السيدتان حفصة وعائشة، زوجتا الرسول، بضربه بالحذاء وهو عاري الجسد. ويصف الفيلم الحمار بأنه أول حيوان مسلم، وأن القرآن الكريم ما هو إلا خليط من آيات التوراة، وضعها راهب مسيحي، ويصف سيدنا أبوبكر الصديق بأنه أعور، وأن الرسول يأمر صحابته بالقتل والسرقة والنهب واغتصاب الأطفال وبيعهم كعبيد.
إن هذا الفيلم ليس أول إساءة للإسلام ولن يكون الأخير، ولابد من محاسبة من يقفون وراءه سواء من المصريين وغيرهم، وحسنا فعل النائب العام بوضع عشرة مصريين من هؤلاء على قوائم ترقب الوصول للتحقيق معهم ومعرفة إبعاد مشاركتهم في إنتاج هذا الفيلم وعرضه برغم أنهم يعلمون مسبقاً انه ستكون له عواقب وخيمة
التوجيه الأول: ضبط النفس والتروي وعدم التعجل إلى أي تصرف قد يحسب على المسلمين، وينبغي استغلال هذه الأحداث فيما يخدم دين الله، فإن من النقم ما يحمل في طياته نعما. قال ابن القيم رحمه الله: المصائب والبلايا نقمة ونعمة، ففي هذه الأحداث تنبيه للغافلين للعودة لرب العالمين، وتجديد للدين في نفوس المسلمين إلى غير ذلك من مصالح قد تجنى. –
التوجيه الثاني: وجوب التوبة والرجوع إلى الله والحذر من الذنوب والمعاصي. قال تعالى: " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ " {الشورى: 30} ورأى أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).
- التوجيه الثالث: الرجوع إلى أهل العلم والبصيرة والعمل بنصحهم وتوجيههم عملا بقول الله سبحانه: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أو الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ " {النساء: 83}، فلا ينبغي الإقدام على قول أو فعل إلا وفقاً لتوجيه هؤلاء العلماء، ونخص هنا ما دعا إليه علماء الأمة من المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الدول التي تبنت هذه الأفكار، وكذا غير المقاطعة من وسائل يمكن أن تتحقق بها المصلحة الشرعية، وينبغي أن نركز في هذا على الدولة التي طلع منها هذا الشر، فنقاطع بضائعها وخدمتها وأدويتها مقاطعة تامة حتى يذوق أهلها وبال أمرهم.
التوجيه الرابع: وحدة الصف وتوحيد الكلمة؛ ففي ذلك قوة الأمة، والحذر من التفرق ففي ذلك الضعف والهوان. قال تعالى: " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا " {آل عمران: 103} وقال سبحانه: " وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) " وننبه على أن هذه التوجيهات مطلوبة من المسلمين في كل وقت وحين ويتأكد الطلب عند حدوث مثل هذه الأحداث.. وأخيراً نقول:
يا سيّد الخلقِ يا نورٌ نسيرُ بهِ إلى الجِنانِ فدتكَ الشمسُ والقمرُ
فدتكَ نفسي ومالي والحياةُ وما في الأرضِ والكونُ والأفلاكُ والبشرُ
يا هاديَ الخلقِ نشكو حالَ أمّتِنا إلى الذي أحكِمتْ من عندهِ السوَرُ
في الكونِ صِرنا ظلاماً لا سِراج لنا بصائرٌ عميتْ والعقلُ والبصرُ
إنّا طلبنا الهُدى في غيرِ سُنّتِكُم تِهنا عن البدرِ لمّا ضمّنا السحَرُ
يا سيدَ الخلقِ لو كنّا أولي رشدٍ ما كانَ وغدٌ لدينِ الشرِّ ينتصِرُ
وما تجرأ قسيِّسٌ وزُمرتُهُ على جنابِكَ لو كنّا لما مكروا
يا رحمةَ اللهِ للأكوانِ قاطِبةً شكي عزائمَنا يا سيدي الخوَرُ
في اليومِ نقتُلُ مرّاتٍ وليس لنا من ناصِرٍ ونقولُ الدّهرُ والقدَرُ
جيوشُنا عبَسَتْ في وجهِنا وإذا جاء العدوّ سعتْ بالذلِّ تعتذِرُ
تمدُّ كفّاً إلى الطاغوتِ في وهنٍ فزادها وهناً واستأسد الخطَرُ
يا سيِّد الخلقِ ضاع الحقُّ في زمنٍ تكدّرَ الصفوُ فيهِ إذ صفى الكدرُ
المسلمون بهِ بُكمٌ وإنْ نطقوا وصامتون وإنْ صاحوا وإن هذروا
يا سيّد الخلقِ هذا الشِّعرُ أبعثُهُ من الفؤادِ إلى قومي ليعتبِروا وأشهِدُ اللهَ
يا سمعي ويا بصري أنّي بدينِك يا مُختارُ أفتخِرُ
وليس لي غيرُ هذا الفخرِ أُعلِنهُ فلتُشرِقِ الشمسُ وليهمي بك المطرُ
× دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
د. عادل عامر
ما هو الهدف من إنتاج وعرض الفيلم المسيء للرسول؟! 3141