إن ما يحدث من صراع في الساحة اليمنية هو نتاج التأجيج الإعلامي للكراهية ونبذ الآخر وعدم تقبله، ليبدو في إعلام كل قطب بأن القطب الآخر سيء للغاية وماكر وفيه من القبح والرذيلة ما يجعل قتاله واجباً شرعياً وأخلاقياً، وبالمقابل يسوق لنفسه بأنه الملاك الأوحد الذي لا شريك له وبأن صاحب المشروع الوطني الحصري وما سواه عملاء ومتآمرون على الوطن .
هذا التجييش الإعلامي الخبيث عبر الصحف والمواقع الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعية أفسد ذائقة الناس وأفئدتهم وفتح قنوات لتدفق الكراهية وتسرب المحبة التي يجب أن تغمر أبناء الوطن باختلافات " مناطقهم، ومذاهبهم وانتماءاتهم الحزبية " لنبدوا أناساً سذج لا نعي ما يدور حولنا سوى اتباع أبواق من يشاركونا مذهبهم أو انتماءهم ونكتفي بهذا كحقائق وملقين الأذن الصماء لأي حقائق أخرى تأتينا من خارج هذه الدائرة الضيقة، لنكون متطرفين في كل شيء، ومعممين الشر كله على فئة فيما إذا سهى أحد أتباعها أو أرتكب حماقة .
صراعات تدور على هذه البسيطة غايتها إنهاك الآخر لتسهيل مهمة جعل اليمن، كل اليمن غنيمة بإمتصاصه حد دماره.
وصل الصراع إلى ساحات التغيير والحرية لينحى بالثورة المتوهجة منحى آخر تعمل على إيصال رسائل تجعل الشعب يعض الندم بقيامه بثورة، هكذا يريدون لتسهيل مهمتهم في إنهاك البلد وتصفية الخصوم، ولو كنت مخطئاً لتجنب الطرفان هذا الصراع بعد أن جمعتهم هذه الساحات المباركة ولاحترموا قدسيتها ودماء الشهداء النازفة .
أياًُ كان المعتدي والضحية فليس هنالك من ضحية سوى بلدنا الغالي "اليمن" وإستمرارية جلده وتصويب السهام نحوه سيجر الجميع نحو فتنة لا تبقى على أحد ويعم بعدها الإقتتال بصورة أكبر ويدخل الوطن في حروب أهلية سيتوارثها الأجيال، كونها أظهرت لعامة الناس بأنها حروب لإثبات الحق ونصرة الدين .
نستغرب غياب الحكمة اليمانية التي الفقت علينا على ما يبدو من تعاملنا مع الآخر، وتجاهل النخبة الثقافية والسياسية من الوطنيين والعلماء ومالكي القرارات الحاسمة لمغبة الإنهزام أمام هذه الدعوات والصراعات التي تقضي على الجميع.
فمتي يا أبناء جلدتي سنفهم بأن الوطن أغلى من أي تحيز وإنتماء؟ ومتى سنترك مبدأ "ما ليش دخل!" وندرك بأن إيقاف هؤلاء هو المشروع الوطني والأخلاقي لكل محب لوطننا العظيم "اليمن"؟ ومتى ستنتهي رغبة الطامحين بإنهاك البلد وتدميره؟
* غصة وطن
:
لمّا هت في العاديات فجرآ تسابيح البلابل !
داست قدم الباغي على أغصان حاضرنا
..
مشينا والظلام الحي يقود خطونا معاً
..
حتى اختفت في الفجر أصداء البشارة
..
فتمزقت تلك الرسالة
..
ونامت النبوءة إلى حين ص
أحمد حمود الأثوري
إيقاف هؤلاء مشروعنا الوطني! 2156