تخيل معي هذا المنظر.. شارع خالي تماماً من المارة المحلات مقفلة وأصحاب الحافلات ركنوا حافلاتهم جانباً ومن كان يمشي هرول مع الجميع إلى بيوت الله حين سمعوا هذا النداء الذي يملئ النفس لهفةً وشوقاً إلى لقاء ربها اختفى الضجيج وعم المكان السكون والرهبة حينها فقط ستشعر انك في بلدٍ كل سكانه مسلمون.
لكن العكس هو الحاصل للأسف، فحين ينادي منادي الرحمن لإقامة أهم وأعظم شعيرة من شعائر الإسلام والناس يملئون الشوارع والأزقة والمحال فلا يلبي منهم النداء إلا القليل وكأنه يعني فئة معينة ولا يعني البقية وبدل أن يهرول الجميع إلى بيوت الله ملبين نداءه طائعين خاشعين تراهم يستمرون في البيع والشراء والمشي والأكل والشرب وما إلى ذلك وكأننا في بلد أجنبي فيه أقلية مسلمة والأغلبية مسلمون بالجنسية فقط.
شيء لا يثير التعجب فحسب وإنما الحسرة والألم لما وصل إلية حال كثير من الناس ومنهم الشباب، خاصة، إذ يظن بعضهم أن الصلاة إنما هي مفروضة على كبار السن من النساء والرجال أما الشاب، فعلى مهلة حين يكبر ويشبع من الدنيا ويكتفي من ملذاتها وينتهي من مشاغلها حينها سيهتم لأمر الصلاة غرة طول الأمل وكأن عمرة بيده وتجد الكثير منهم يشتكي من صعوبة الحياة وسوء الحظ وقلة المال ونكد الدنيا والهم والغم يملأ صدره وحين تنصحه بأن يصلي ويلجأ إلى ربه ينظر إليك بسخرية وقلة اهتمام كأنك وصلت للتو من كوكب آخر.
أرحنا بها يا بلال، هكذا كان الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام يطلب من سيدنا بلال أن يؤذن فيهم ليقيموا الصلاة، لأن فيها الراحة من كل تعب ونصب وهي لمن عرف قدرها وأعتاد على إقامتها في أوقاتها راحة وسعادة من هموم الدنيا ومتاعبها، بل هي نور وضياء للوجه والقلب معاً أو ليست صلة بين العبد وربه، فكيف يقطعون صلتهم بمن بيده ملكوت السماوات والأرض.
العجيب أيضاً أن تجد من منحه الله شيئاً من السلطة والمال يتكبر على السجود بين يدي ربه وينظر إلى المصلين والمتمسكين بسنة النبي علية الصلاة والسلام في إطلاق اللحي أو تقصير الثوب على أنهم متخلفون جاهلون، فكيف يرجى ممن كان على تلك الحالة أن يراعي الله في منهم تحت مسؤوليته
حي على الصلاة.. حي على الفلاح.
(أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) هذا أمر من خالق الأكوان العالم بطبيعة البشر وأسرارهم لذا حين لم نطع أمره امتلأت شوارعنا وبيوتنا بالفواحش والمنكرات..
حي على الصلاة.. حي على الفلاح
(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، هذا قول نبينا وقائدنا وقدوتنا عليه أفضل الصلاة والسلام واضح البيان جلي المعنى لا يحتاج لشرح أو تفسير ولا يحتمل مغالطة، فانتبهوا أيها المسلمون وأعلموا أن لا فلاح لمن لا صلاة له.