- أبداً أبـداً لا غرابة، فالمبهرر الذي طلب الحصانة على كل جرائمه المشينة فيما مضى، حتى منحت له للأسف: هاهو يحرض اليمنيين على بعضهم بعضاً، متفوقاً ببجاحته العلنية في التعجرف بهاجس نيته الانتقامي لإعاقة المرحلة، نسفاً للمستقبل الوطني السوي المأمول.. ثم إن المؤكد الذي يتوضح أكثر -يوماً إثر آخر بالمحصلة - هو أن وعي علي عبد الله صالح من خلال هيئته الملتبسة الحالية في المؤتمر ليس سوى شوكة أساسية متمادية في حنجرة اليمن الذي نتوق، وجوهرياً: لا يظهر هذا المأزوم العتيد إلا كمجرد زعيم عصابة، عصابة تصمم –باستخفاف لا حدود له- على الانتعاش السابق الذي كانت فيه فقط، وبالتالي لا يمكن لهؤلاء أن يأبهوا –على سبيل المثال- بكل تضحيات وأحلام الشعب من أجل التغيير أبداً أبـداً..
-على المؤتمر كحزب حسب ما نريده مثلاً، وما يريده أيضاً ثلة حالمون فيه، لا مثلما كان طوال 30 عاماً كوعاء لتفريغ شهوات علي عبد الله صالح الفاسدة لا أقل ولا أكثر: أن يفهم مقتضيات المرحلة والمستقبل بمسئولية أعلى، وأن يندفع للبرامج لا للشخصنات، وأن ينتمي لأحلام الدولة المدنية ومقتضياتها لا أن يستمر كأداة للتصفيق الاعتباطي وبس.. بمعنى أن عليه إعادة بناء ذاته شكلاً ومضموناً بالملامح التي لا تستغل مقدرات الدولة كما كان منذ نشأته، وأن يتنظف ذاتياً من ذهنية العسكر والمشائخ فيه على وجه الخصوص ليقدم نموذجاً حقيقياً فارقاً وربما ملهماً كما يراهن من يحلمون من داخله بتغييره، وبالضرورة عليه أيضاً أن يسارع في إسعافاته الأولية والإستراتيجية لكيانه بكل شجاعة ونضوج من أجل أن يتحول إلى حزب كما ينبغي لا كمجرد عبء على الدولة مثلما عديد كيانات تسمى أحزاباً بينما لا تمت إلى الأمر بصلة حقيقية كما نعرف.. ذلك أن استمرار المؤتمر مشلولاً في قراراته الإصلاحية أو التحديثية بعد كل ما حصل خصوصاً سيجعله متمادياً فقط كفلسفة عمل لوعي علي عبد الله صالح ما يجعلنا نقول بالتالي أن الحتمية الذي وقع فيها هذا الكيان بكامل إرادته صارت تتلخص جيداً في عدم توقعه التحرر من علي عبد الله صالح بأية حال من الأحوال، ولعلنا نرى كيف أن هذا المسلك يزداد أكثر تجلياً الآن، كما أن الشواهد واضحة -بل وبشكل شديد العجب رغم كل مزاعم الحالمين المؤتمريين في ظل كل التحولات التي طرأت وتطرأ على المجتمع بالمقابل.. غير أن بقاء المؤتمر كما هو: كارثة لا أسوأ منها مستقبلاً ليس على المؤتمر لوحده أو على الحالمين فيه، أو حتى على من يرون في بقائه توازناً سياسياً في ظل الضرر الذي يعيشه وينتجه، وإنما بدون -أدنى شك كذلك- على اليمن عموماً..
فتحي أبو النصر
بقاء المؤتمر كما هو: كارثة لا أسوأ منها 1754