الكثير من الاقتصاديين والخبراء الأوروبيين يرون أن السبب الرئيسي وراء أزمة منطقة اليورو هو التفاوت الكبير بين دول الجنوب "اليونان، إسبانيا، إيطاليا، البرتغال" والشمال ألمانيا، حيث الارتفاع في تكاليف العمل بسرعة أكبر كثيراً في الجنوب، لذلك فإن سد فجوة القدرة التنافسية بتشجيع نمو الأجور ربما يكون خطوة على الطريق الصواب مع ارتفاع أسعار البنزين، كان من الضروري زيادة الأجور لمواجهة التضخم، وبالفعل حصل 3.6 مليون عامل في مصانع السيارات في ألمانيا على زيادة 4.3% في رواتبهم، وهو ما يقل عما طالب به اتحاد العمال 6.5%، لكنها زيادة تعتبر جيدة.
وفي حين ارتفع متوسط الأجور في منطقة اليورو التي هزتها أزمة الديون نسبة 2% من الربع الأول من العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، فإن أجور العمال في ألمانيا هي الأفضل منذ عشرين عاماً، حيث شهدت الدخول الحقيقية خلال تلك الفترة نمواً متواضعاً مقارنة بالبلدان المجاورة، الأمر الذي سمح للمصدرين البيع بأسعار تنافسية.
هناك إجماع على أن إصلاح الاقتصاد يستدعي عملية إعادة توازن، بمعنى زيادة إنفاق الألمان على سلع منطقة اليورو من ناحية، وزيادة تنافسية سلع المنطقة لتصبح أكثر جاذبية بالنسبة للمستهلكين الألمان من ناحية أخرى.
ويتبين من الواقع أن إعادة التوازن هي عملية تتعلق باستفادة الصناعة الألمانية من زيادة تنافسية سلع منطقة اليورو، والمحرك الرئيسي للطلب على واردات منطقة اليورو هو الصناعة، فالقطاع الصناعي يشتري السلع الرأسمالية لتشغيل المصانع، وبعض المكونات لإنتاج سلع مثل السيارات والماكينات التي تلاقي رواجاً خارج منطقة العملة الموحدة، ولابد لنا من الإشارة إلى أن الاقتصاد الألماني كان قد تعافى من الأزمة العالمية بوتيرة أسرع من البلدان الأخرى في منطقة اليورو.
إن نمو صادرات ألمانيا في صالح دول منطقة اليورو، حيث يضمن ذلك استيرادها للمكونات التي تحتاجها من دول المنطقة.
وفي تطورات جديدة، فإن ألمانيا تواجه آفاقاً اقتصادية قاتمة مع اقتراب اقتصاديات منطقة اليورو من دائرة الركود بسبب أزمة الديون.
وأظهرت بيانات حديثة إنكماشاً تجاوز التوقعات للصادرات الألمانية في منتصف هذا العام مع تراجع الناتج الصناعي لتزداد المخاوف التي تحيط بأكبر اقتصاد في أوروبا، مع احتمال اتجاهه نحو التباطؤ خلال الأعوام القليلة المقبلة.
هناك تراجع شهري للصادرات الألمانية بنسبة 1.5% خلال منتصف هذا العام، في حين تراجع الناتج الصناعي بنسبة 0.9% خلال الفترة نفسها، وذلك في أعقاب سلسلة من البيانات الاقتصادية ا لتي قدمت صورة قاتمة للاقتصاد الألماني، مع دخوله النصف الثاني من العام الحالي.
هذه البيانات جاءت في الوقت الذي تسود فيه حالة من التفاؤل للأسواق المالية بشأن اتجاه البنك المركزي الأوروبي إلى إطلاق خطة عمل جديدة للمساعدة في احتواء أزمة الديون الأوروبية المستمرة منذ ثلاث سنوات.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي 10/8/2012
2. الاتحاد الاقتصادي 12/8/2012
3. الأهرام الاقتصادي العدد "9973" 6/8/2012
د.علي الفقيه
من يعيد التوازن للاقتصاد الأوروبي؟! 2074