يتربى في البلد جيل كامل من الفوضويين ومنتهكي القوانين الذين سيصعب على أي حكومة إعادتهم إلى جادة الصواب متى شاءت، وقد لا تشاء إذا أعجبتها فكرة التفرج على ما يجري في شوارعنا من أحداث تثير الرعب عند كل عاقل يعرف ما الذي يعنيه إطلاق أيدي هؤلاء ليعيثوا فساداً بالنظام العام وتفكيكاً لأهم تركيبة أمنية تقوم أساساً على الردع قبل العلاقات الطيبة والكلام المعسول عن الحس الوطني والشعور بالمسؤولية، أما الثابت في هذا المشهد المتقلب كل ساعة، أن هناك من يعجبه الذي يجري وهو ما يفسر اللامبالاة في أوضح صورها لدرجة الانسجام الكلي والاكتفاء بتدوين البيانات وأرشفتها إلى أجل غير مسمى.
لست أدرى لماذا هذا الضجيج العالي وهذه الغوغاء التي تحدث دون أي سبب يذكر، لست أدرى لماذا نحيط أنفسنا بالخطر من كل جانب؟ على ماذا يتشاجرون، إنهم يصبون النار على البنزين، والوطن لا يتحمل كل هذه الأخطار المحدقة به.
إنهم أناس لا يقدرون الوطن، فليعلم من لا يعلم أن الخطر قادم وليعلم الجهلاء والعقلاء أننا جميعاً في مركب واحد، فإذا تهاوت إحدى جوانبه في المياه، فلا راد لها وسوف تسقط في القاع الضحل، وسوف تأخذ منحنى آخر، هذا المنحنى سيأكل الأخضر واليابس .
قامت الثورة وقلنا إنها بشرى لنا جميعاً في الخلاص من أوجه الطغيان والمجرمين والمفسدين، ولكن ما يحدث في الوطن هو عدم تقدير للمسؤولية وللأمور، إن اليمن وطن وكيان وحضارة منذ سنوات طوال، فلا يفسدها المفسدون من بلطجة وأصحاب النوايا الشريرة والسيئة من أجل أطماع زائفة .
فالقلب يعتصر ألماً والعين تدمع كل يوم على البيت والحرية، على الشرف والكرامة، على وطن عاش فينا كما نحن نعيش فيه،على وطن يستباح وعلى ابتسامة عجوز في وطن الحكمة ودمعة طفل في أرض السعيدة وأرق رضيع في بلد الإيمان وعروس خضبت يدها في أريف هذا الوطن وجندي في الكرامة استبسل، القلب يعتصر مرارة على كل شبر في هذا الوطن الغالي .
كل يوم يستباح الوطن، حيث أصبح حالنا كالأسفنجة التي تطفو على سطح الماء تتشرب ونحن نلهو وهي تغرق، أصبح حرق الإطارات والاحتجاجات والتعدي على رجال الأمن وعلى المواطنين الآمنين العزل سمة تميزنا ونقطة سوداء في تاريخنا سينتج عنها - إن لم نمحها- نزف أحمر.
تخيلوا نفسياتنا عندما نتوجه إلى العمل عندما يقول الجندي الله أكبر، والمعلم عندما يكتب على اللوح تاريخ ( اليمن السعيد ) تخيلوا أمهاتنا وجداتنا في البيوت وأطفالنا أمام شاشات التلفاز في المدن والقرى عندما يسمعون ويشاهدون:
ــ اعتداء على رجال الأمن.
ــ تعدي على سيارات تابعة للجيش أو الأمن أو مواطنين.
ــ اعتداء على مدرسين وتربويين وأكاديمين بسبب منعهم للغش!!.
ــ إغلاق طريق بسبب انقطاع المياه.
ــ التهديد بعصيان مدني بسبب عدم الرضا عن محافظ أو أي مسؤول.
ــ نهب وسرقة سيارات خاصة بالمواطنين أو التجار.
ـ تخريب الأبراج الخاصة بخطوط الكهرباء.
ــ الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
- قتل أبرياء وإطلاق نار هنا وهناك.
قاموس مليء بـالمنع والتعدي والحرق والإغلاق والسرقة والخزي.. هذه ليست أخبار نسمعها في (شيكاغوا أو جنوب إفريقيا أو ...)، بل هي أخبار نسمعها في هذا الوطن الغالي لقلوبنا، أخبارنا نحن وكرامتنا نحن ونحن من فعل هذا بقصد أم بغير قصد.. نحن من اعتدى على كرامة الوطن لم يعتد عليها عدو بل نحن الذين اعتدينا وتمادينا، فالذي سرق وحرق ليس مستورداً، بل هو الابن والأب والأخ يمنيو الجنسية مسلمو الديانة .
والسؤال لو فرضت علينا وأقول لو فرضت وأكررها عشرات المرات , لو فرضت علينا حرب، لا سمح الله، وأنتم تعلمون يا أبناء الوطن كم هم المتربصون بهذا الوطن من الأعداء، فهل جبهتنا الداخلية على هذه الأوضاع تحتمل أن يدافع جنودنا عن الوطن؟ وهل تماسكنا الداخلي يصلح أرضاً لأن يقف عليها الجندي اليمني ليدافع عن كرامتنا وشرفنا؟.
كلكم تعرفون الإجابة؛ إن الجندي لا يدافع إلا إذا كانت أرضه صلبة خصبة.
كتبت ما كتبت خوفاً على اليمن ومستقبله، تحسراً على وطن بنيناه بعرق تصبب، ودم تقطر، ورجال رووا بدمائهم الطاهرة أرض اليمن الحبيبة.
إن طريق الحرية دائماً ليس سهلاً وهو ليس معبداً، بل هو طريق مليء بالأحداث الجسام والإرهاصات، لآن أعداء الحرية كثيرون سواء في الداخل أو الخارج، إن طريق الحرية دائماً مليء بالأشواك، لكن كيف نزيل عنا هذه الأشواك دون إزهاق للأرواح، ودون إحداث فرقة في الوطن، ودون الاستقواء بالخارج؟، إنها معادلة سهلة لكل إنسان مخلص لوطنه، محافظاً على مكتسبات أمته، إن ترتيب البيت الداخلي وإعطاء الأولوية للأمن طريقنا للمستقبل، فهل نعي حجم الأخطار والمؤامرة على هذا الوطن؟ وهل نعي أن اليمن أمانة في أعناقنا، يجب أن نحافظ على أمنه وعلى ثرواته وعلى أرضه جميعاً؟!.
رائد محمد سيف
الحفاظ على أمن الوطن واجبنا جميعاً 2392