الكثير من الاقتصاديين والخبراء في الاتحاد الأوروبي اعتبروا أن اعتماد التقشف وحده يعد أمراً خاطئاً ولا يؤدي إلى حل أزمة العجز المالي في منطقة اليورو.. وحظوا على ضرورة وضع حوافز جديدة لتسيير عجلة الاقتصاد مجدداً، وزاد طلب إسبانيا وقبرص أخيراً الحصول على دعم مالي من مظلة الإنقاذ الأوروبية سوداوية صورة منطقة اليورو والتي تضم خمس دول متعثرة مالياً هي "اليونان، إيرلندا، البرتغال، إسبانيا، إيطاليا" من أصل 17 دولة.
الباحثون والخبراء الأوروبيون حذروا من السماح بتصعيد خطير لأزمة المال الراهنة والتقليل من خطر إفلاس اليونان على اقتصادات أوروبا والتقاعس عن تقديم النجدة المالية لمن يحتاج إليها، وأشاروا في ندائهم إلى أن التضامن المالي هو الطريق المؤدية إلى التغلب على أزمة اليورو، ودعوا إلى إنشاء صندوق إيفاء الديون المشترك لإبعاد الدول المتعثرة عن سطوة الأسواق المالية المقرضة والفوائد المرتفعة التي تطالب بها.
مظلة الإنقاذ الأوروبية بقوتها المالية الحالية من "700" مليار يورو صغيرة الحجم والقوة، ولا وحدها لمواجهة الأزمة، الخبراء دعوا البنك المركزي الأوروبي إلى استخدام الوسائل التقليدية وغير التقليدية لتعزيز النظام المالي والدفاع عنه، ما يعني عودته إلى شراء سندات حكومية من الدول المتعثرة بفوائد مخفضة، وتبقى مسألة التقشف الصارم مثار خلاف شديد في أوروبا.
وهناك فريق آخر يعتقد بأن الدول المتعثرة ستبقى مهددة بالإفلاس حتى لو نفذت تقشفاً صارماً، أزمة اليورو هي أزمة نظم لا يمكن التغلب عليها إلا من خلال عمل مشترك لكل الدول الأعضاء، الوحدة النقدية هي التي تضمن مواجهة أفضل للمضاربات التي تمارسها الأسواق المالية ضد اليورو وتسمح بالتدخل في موازنات الدول المتعثرة لضبطها.
إن أزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو مجدداً تؤثر سلباً على الشركات، فيما يتعلق بأزمة ديون اليونان، فإنها تزداد تعقيداً، فبعد أشهر في الفوضى والاضطراب السياسي تأخرت اليونان عن الوفاء بشروط ومتطلبات حزمة الإنقاذ المالي التي تلقتها بداية عام 2012م والتي بلغت "160" مليار دولار، كما أن قدرتها على جمع "3.8" مليار دولار من أجل تسديد دفعة شهر أغسطس من الديون للبنك المركزي باتت موضع شك.
هناك بعض الخبراء الاقتصاديين يعتقدون أن اليونان ستكون قادرة على الالتزام بالآجال المحددة وهو الالتزام الذي يعتبر شرطاً لحصولها على مزيد من المساعدة.
مسؤولون ألمان والتي تعد بلادهم مساهماً رئيسياً في جهود المساعدات، أشاروا إلى تصميم جديد على عدم تخصيص مزيد من المال لهذه القضية، وهو ما يترك اليونان في وضع صعب باقتصاد يتقلص بنسبة 7% هذا العام وهو معدل أسوأ بكثير من الـ4.2% التي كانت متوقعة قبل فترة عندما تم توقيع اتفاقية الإنقاذ المالي.
الألمان يقولون إن سجل التتبع ذاك قد يتطلب إنشاؤه عاماً، وألمانيا لا تبدي تعاطفاً تجاه ذلك، حيث أن الوفاء بشروط اتفاق الإنقاذ المالي هو الشرط المسبق والضروري لمزيد من التعاون.
زعماء أوروبيون آخرون أبدوا استعدادهم لتقديم قرض قصير المدى لليونان أو إيجاد طريقة أخرى لمنح البلد مزيداً من الوقت لتسديد دفعة أغسطس من الديون.
يذكر هنا أن وزارة المال اليونانية قدمت خطة الحكومة لخفض مبلغ "11.7" مليار يورو في موازنتي 2013 و2014 إلى ترويكا المقترضين الأجانب، وعدم إغلاق أي قضايا مع الترويكا، حيث لدى اليونان عرضاً كاملاً لم تقدمه اليونان لوفد الترويكا الذي زار أثينا مؤخراً التي حددت إطار السياسات والتوجهات الأساسية، كذلك أعلنت اليونان أن 44% من المدخرات المتوقعة والبالغة قيمتها "5" مليار يورو، والخطة تقضي باقتطاع 5 – 10% من معاشات التقاعد التي تزيد على ألف يورو و"1400" يورو على التوالي وفرض سقف بقيمة "2500" يورو على المعاشات التي تتخطى هذا الحد.
وتأمل اليونان التي تتخبط في انكماش أقرب إلى انهيار حقيقي كالذي شهدته في الثلاثينيات في اتخاذ إجراءات إنعاش بحلول عام 2014م تتيح لها تحقيق أهدافها المتعلقة بالموازنة والخروج من دوامة الانكماش والتقشف.
هامش:
1. الحياة العدد "18011" 27/7/2012.
2. الاتحاد العدد "13530" 21/7/2012.
3. الاتحاد الاقتصادي 30/6/2012.
د.علي الفقيه
اعتماد التقشف وحده أمراً خاطئاً 2123