أقطاب مختلفة أفرزتها المصالح والنظريات والتحيز لأفكار متباينة، يتربصون ببعض ويتفرغون لاصطياد الأخطاء لتأزيم الوضع وتضييق الخناق أمام أية عملية لتحقيق تقارب أو وفاق بين الأطياف الحزبية والمناطقية و الطائفية .
الاختلاف له سنة تعجل في دورة الزمن وتحمي استمرارية التوازن الذي ينتجه الاختلاف بالطرق السليمة .
الاختلافات التي ينتجها الصراع المذهبي له من الخطورة ما يكفي لجعل الجميع قنابل موقوتة جاهزة للانفجار، إذ عن طريق الوسائل الإعلامية وتقنيات الصورة يتم النيل من هذا وتلميع ذاك ليكون الناتج العام - مع مرور الزمن وتأثير التكرار - فجوة كراهية لا تستطيع أي عملية محبة أن تردمها .
الأقلام المتحمسة بعاطفة الكاتب واتجاهه المذهبي أو الحزبي هي الأساس لهذه الكراهية بانتصارها لإتجاهها أياً كان مخفية أخطائه ومتجاوزة لها والبحث عن أخطاء الطرف الآخر واصطيادها لتجعل منها مادة إعلامية جيدة للنيل من الخصم - الذي وجد بسبب الاختلاف - وتشويهه وعلى حساب ذلك تلميع أطرافها .
استغلت طاقاتنا في هذه الصراعات وتخربت عقولنا وصعب علينا إدراك الحقائق وسط هذا الصراع الذي وصل نتاج ثقافة تضليل وعناد، لتجد هذين الطرفين يمتلكان حقيقتين ونظرتين مختلفتين تماماً، ليغدو السواد الأعظم منا وقوداً لهذه الحروب الإعلامية، لتجد نفسها أيضاً محشورة في هذا الصراع متحولة إلى صور مصغرة لكل شكل من أشكاله .
هذا الصراع مدفوع من قبل "جهات داخلية وقد تكون خارجية" هدفها إنهاك البلد وتمزيقه إلى مناطق وقبائل ومذاهب متناحرة كل فئة تؤمن بأنها على حق وتقاتل الأطراف الأخرى التي تمثل الباطل .
سؤال يتكرر: متى سوف تغمرنا محبة هذه الأم الرؤوم "بلدنا اليمن" وحبنا لبعض لنكون قوى موحدة فاعلة خادمة لبناء دولة النظام والقانون الذي طالما حلمنا بها؟ متى سنرى خيمة الحلم تجمعنا معاً بكل محبة ليرنم من يرانا "واحد يحب واحد".
× غصة وطن:
من وحي إعلام الفيس بوك حقائق مؤسفة وأشدها قسوة :
بوست رقم1:
"لولا حزب الإصلاح ومواقفهم المخذلة لانتصرت الثورة وبتنا في لحظات جني ثمار الثورة المباركة".
الحقيقة رقم1:
لو كتب هذا المنشور بهذه الطريقة سوف أجد تعليقات وإعجابات أكثرها من أنصار الحوثي والحراك والمؤتمر وسوف يحفل البوست بتعليقات تخسف بالإصلاح وأعضائه أسفل سافلين .
البوست رقم2:
الحوثيون ينادون بالموت لأميركا وإسرائيل واللعنة على اليهود، وما نراهم إلا قاذفات تخترق قلب اليمن حتى يبدو لك بأن رؤيتهم للخريطة خاطئ، فحجة هي أميركا وعمران هي إسرائيل، والسنة هم اليهود.
الحقيقة رقم2:
لو كان منشوري على هذا الشكل سأجد أعضاء حزب الإصلاح يناصرون هذا المنشور وسط سيل من المباركات لما كتبت .
الحقيقة الأهم:
لماذا نستهلك الطاقات والأوقات في هذه العدائية ونوسع فجوة الانقسام بين أطراف تربطهم الأخوة ويحتويهم وطن واحد يجب أن يحب من قبل الجميع ويعمل على نصرته؟.
لماذا نتجاهل مأزق انزلاق اليمن وعوضاً عن إسناده باتفاق الجميع، ونعمل على التعجيل في عملية الانزلاق التي باتت وشيكة؟
لماذا نرفض دعوات المحبة؟
أرهقنا البلد في خلافات عبثية وتصفية الخصوم بطرق وحشية، وافتقدنا إلى معاني المحبة وإيماننا بسنة الاختلاف، وفوق هذا وذاك.. استهلاكنا لهذه الطاقات والأوقات التي بإمكانها إحداث قفزات نوعية فيما إذا تم استغلالها بطرق مثمرة للوطن ككل، ناهيك عن الأحقاد التي تدمر الأرواح وتجعلها عاجزة لتورث الضغينة والأحقاد للأجيال القادمة لتصل هذه الأجيال لحالة انفصام وقلق وجودي دائم.
مشكلتنا أننا نتحيز للأشخاص لا للفكر ونحدد تموضعاتنا وفقاً لتموضع من نكن لهم بعض الود على حساب التمعن وقراءة الأشياء بمسمياتها.
أحمد حمود الأثوري
واحد يحب واحد !! 2422