سنعتذر للبشر والشجر والحجر ولا مشاحة في ذلك، سنعلن براءتنا من خيبتنا وأننا كنا لسنا نحن وأن حماقات تهنا فيها وتاهت بنا وتعرجنا في خطواتنا حد اللارؤية، سنعتذر للجنوب كله وللشمال الحزين وسنطلق أولاً آهاتنا منا ونسأل لما كنا هكذا نسعى إلى تعميق جراحاتنا ونداري خيباتنا ونمضي إلى حيث الغباء بتفان عجيب؟ وسنكون في شكل اعتذار كامل موجباته أننا لابد أن نكون بشراً أسوياء وندرك إلى أي مدى كان الإقصاء والتهميش والعبثية منطق سنوات عديدة لم نكن فيها نحن نحن، وكنا نحقق رغباتهم وإسرافهم في أمرهم وشياطينهم الذين رأوا في إنكاء الجراح ونزيف الوطن ما يجعلهم في الأعلى .وكنا في ذات السياق ننافق ونداري ونجامل ولم نقل كلمة سواء .كان الوطن مجرد رئيس له كل شيء ولنا الخيبة والمجاملة والنفاق..
وما شئت لاما شاءت الأقدار× فاحكم فأنت الواحد القهار
ألغينا حياة ووطناً من أجل طموح فرد.. ألغينا ذواتنا وامتلكنا مستبد وأرهقنا الآخر وهو منا بالكثير من نظرية الفيد والإستقواء والتبختر.. نعتذر نعم وعلينا أن نجود بكل كلام يليق بأخوتنا حتى يرضوا عنا وقبل هذا يرضى الله عنا بما كنا عليه من استبداد وحالة شقاء لا تحصى حين أضعنا معنى المواطنة وركبنا موجة من يريدون علواً في الأرض لنجد نحن في حالة من فقد ذاته ودخل مرحلة الغياب الطويل، نعتذر بكل لغات العالم وكل الكلمات التي لابد من إطلاقها حباً وندماً وأسفاً لأننا جرحنا أخوتنا وجرحنا ذواتنا قبلهم بقبولنا حالة استغراق المرض طويلاً فينا لنصحى على فاجعة ووطن قابل للذهاب بعيداً عنا بسبب فقداننا الحكمة وارتهاننا لمن ليس أهلاً لإدارة حياة.. نعتذر لكل اللحظات التي غفونا فيها وثمة ألم كان منطقه مجافياً للحقيقة وكان النحن في مستوى من التعالي البغيض ما خلق تباينا اتسع رغماً عنا، وإذا للاعتذار مجاله وليت أن أخوتنا يكونوا الكرم كله، فيقبلون اعتذاراً وأسفاً وألماً ويجعلونا نبصر إلينا ونحن في حالة من لا يقوى أن يرى نفسه وقد هدها السير إلى الصعب وغالت كثيراً في إدارة الظهر لمن أرادوا وطناً جميلاً وأردناه امتلاكاً وعظمة وأرادوا حرية وأردنا عبودية ونطقوا حباً وكنا مع ذات المنطق عتاة غلاظ,، وإذا سنعتذر أولاً منا علينا وقد ذهبنا إلى حالات تربص ونكد وكثير من الإحباط سنعتذر بكل ما استطعنا من قوة وشجاعة وبسالة، لعل شيئاً ما يعيد السكينة لوطن جعلوه من شره ونفاق وفيد وحكم جبابرة واستئثار.. نعتذر لنرانا أقرب إلى الله بعد أن أغوتنا وهم القوة وقوة الوهم وجرينا في طريق آخر ليس كما هو فرح وحب وتقوى وإخلاص .الاعتذار وما بعد الاعتذار لا يكفي لكنا نطمع في كرم الأخوة في وفي القيم الإنسانية المشرقة التي يمتلكها أخوتنا ولن يظنون بها علينا .سنعتذر ونطلق ملء أرجاء الوطن كلمات الأسف لمن أتعبتهم سياسة الإقصاء والغلبة الكريهة وليتنا نقدر على أبعد مما هو اعتذار ولو نستطيع لفعلنا .ونحن نطلب حثيثاً الحياة نبل مقصد وشرف انتماء وليس غروراً وتعالي وبغضاء .سنعتذر حتى وإن لم يكن لنا ناقة أو جملا في كل ما جرى وكنا ندينه ونعلن براءتنا منه في حينه ونصدر بياناتنا الواضحة الموقف كمثقفين لم يرق لهم ذلك الصلف والغرور وكانوا يحذرون من مغبة التمادي في إلحاق الضرر بالوطن والدخول في المنطقية النتنة والطائفية المقيتة وكنا نضع الأخطاء أمام السلطات التي أعماها الغرور وحكمت تيهاً لتجد التاريخ وقد تخلى عنها ووضعها اليوم حيث يجب لأنها لم تكن جديرة به وكانت انتصاراتها وهمية وزائفة وسرقة نصر لآخرين وتزييف حقيقة وتملك واقع كنا نقول هذا ونعلنه ونرفضه وكانوا لا يرون سوى بريق السلطة وجفاف المشاعر .ومع ذلك سنعتذر بحرارة لأننا نفقه معنى الظلم والظلاميين حين كانوا ولأننا نرجو الشجاعة في الموقف معنى نبيلاً وإنسانياً يقوى عليه من امتلك القدرة على أن يكون في مستوى الإنساني وسنبحث عن لغة تليق بأخوتنا لعلهم يمنحونا شيئاً يعيد لنا ذواتنا سنقول بكل جرأة أننا كنا وحوشا ودميمين ومجردين من معنى الوطنية وأن الكثير من الحمق كان سائداً وتزوير الوعي كان مرحلة جهنمية ومناصرة الفرد على حساب تاريخ وكرامة أمة كان الأبرز، سنقول لإخوتنا خدعتنا الحروب والكر والكر وضيعت الشمس أسماءنا وكنا مجرد أدوات تحركها قوى الغي إلى حيث تريد ولم نشتغل يوما على الوعي لنبصر كم نحن بعيدين عن الوطن قريبين إلى الفرد بكل محدودية تفكيره وضآلة وعيه وتماديه في غيه وذهابه الى حيث الظنون يترجمها حقائق ونزيد عليها نحن بما نلحقه من ضرر بالغ في الحرية والمواطنة المتساوية .سنعتذر عما كنا فيه من حمق ولن نكف عن الاعتذار حتى يرضى أخوتنا وذلك ما نستطيعه وبمقدورهم اليوم أن يكونوا أكثر منا كرماً وسخاءً وشهامة، إنهم ارتضوا قبول اعتذارنا لن يتأخر أحد في الاعتذار ولن يتراجع أحد في الاعتراف بخطأه وهنا تكمن القوة وما يعمله من لديهم صحوة ضمير وما هو متعارف عليه على مستوى الكرة الأرضية فدائما المتحضرون يعتذرون بشجاعة حين يخطئون بل ويقدمون أنفسهم رهن العدالة وهم راضون مستبشرون مجرد إدراكهم بالخطأ وحدوثه، لقد اعتذرت أجيال عن أجيال أخرى وممارسات لم تكن تخصهم ومع ذلك قدموا اعتذارهم عما فعله آباؤهم بأمم أخرى، بل وقدموا التعويضات عن أحداث وتاريخ لم يكونوا فيه، ولكنه الجانب الإنساني الشجاع دفع الأبطال إلى الاعتذار.. اعتذرت إيطاليا الحاضر عن إيطاليا المستعمرة الماضي لما حدث في ليبيا، كذلك اعتذرت فرنسا للجزائر وألمانيا لفرنسا عن الحرب العالمية الثانية، ولم يتخل جيل الحاضر عما يجب تقديمه إزاء ماضٍ لم يكن لهم فيه أي مسؤولية عدا أنهم يعبرون عن وعي عن حضارة عن قيم الشجاعة عن الحق والخير والجمال، لقد اعتذرت دول لدول أخرى وأجيال عن أجيال أخرى، فما بالنا لا نعتذر بحرارة لأخوتنا في الجنوب والشمال بما هو حق وحقيقة ودونما مغالطة وزيف؟!.
////////
محمد اللوزي
الاعتذار للجنوب والشمال 2522