سميت الاحتجاجات التي أطاحت بزعماء دكتاتورين في بعض البلدان العربية "ثورات" لأنها جاءت لقلب الواقع رأساً على عقب وإنهاء الظلم والجور والارتهان للخارج على حساب الشعوب والبلدان العربية، وليس لخلق واقع ينطبق عليه المثل القائل "ديمة وخلفنا بابها" بمعنى أن تغييراً جذرياً لم يحدث.
التغيير المطلوب يتطلب المزيد من التخطيط المسبق وسبر أغوار الخرائط الاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية في المجتمع، لتشكيل قواسم مشتركة يتم العمل بموجبها وعلى أساسها، ومن ثم يتم الاتفاق على التوافق عليه، وتطويره في حال النجاح في تنفيذ المخطط، لكن كل ما في الأمر أن أميركا وإسرائيل فقط تستغل نتائج خياراتنا كما تريد لا أكثر، ونحن ننفذ ما تريد برضا منا وبشكل كامل .
لقد جاءت ثورات الربيع العربي الحالية لتضيف بعداً آخر للوضع الإيراني الإقليمي, حيث أن مجيء هذه الثورات قد فتح الباب واسعاً لما يمكن أن نسميه التقاط الأنفاس عند إسرائيل وأميركا والتعامل مع التطورات الراهنة في المنطقة برؤية جديدة..
وتتمثل هذه الرؤية باستخدام الشيعية المتمثلة بإيران في إشغال أنظمة الدول العربية الحالية وهي "سنية المذهب" بصراع يمهد له بأن يكون طويلاً لإضعاف الأنظمة الوليدة والحيلولة دون بزوغ فجر المنطقة العربية التي تطمع شعوبها بجعلها قوة دولية لا تخضع لإملاءات الغرب. وعلى هذا الأساس فإن أي حديث عن توجه أمريكي حقيقي لتضعيف القوة العسكرية لإيران هي من قبيل الهراء، لأن الضغوط الأمريكية والغربية عليها (وكما قلنا) لا تتعدى عرقلة مساعي نظام الملالي لامتلاك القوة النووية، ولكن في نفس الوقت فإن هذه الدول حريصة على الإبقاء على إيران كقوة إقليمية لإيجاد توازن للقوى بينها وبين الدول السنية في المنطقة؛ إذ معهود عن الأنظمة الشيعية عمالتها للغرب والصهيونية على مدى التاريخ.
ولعل إطالة عمر الثورة دون الوصول إلى نتائج حاسمة في سوريا فيها تؤجج النزعة الطائفية فيها أكثر فأكثر, وهذا ما تحاول أميركا عمله، مبررة تقصيرها هذا بالفيتو "الروصيني" الرافض لاتخاذ أي قرار حاسم بشان سوريا في مجلس الأمن.
وما يزيد من ترشيح سوريا لأن تكون بؤرة الصراع الشيعي السني هو موقعها الجغرافي بين عراق المالكي ولبنان حزب الله .
إيمان سهيل
إيران خنجر الصهيونية على ظهور العرب 2143