البعض منا تستهويهم مهمة جمع العملات الورقية القديمة والاحتفاظ بها فتجد في حوزتهم الريال اليمني (الله يرحمه) وفئة خمسة ريال الورقية والعشرة والعشرين والتي اختفت منذ أن ظهرت فئات نقدية أخرى أكبر وهبطت قيمة عملتنا المالية فتجدها أحياناً على زجاجات وسائل المواصلات من الداخل كمنظر تراثي!
المهم في الموضوع أن العملة الورقية في بلادنا تتحدث وأحاديثها ليست بسرية ولكنها تتناقل بأيدينا دون انتباه منا لها أو أننا ننتبه فلا نبالي، فمثلا في ورقة فئة خمسين ريال قد تقرأ:
( كيلو بطاط، صلصه، كيلو سكر، طرزان، صابون نسيم، ...، والحساب لنهاية الشهر!) وهذا حديث اقتصادي ربما أحدهم رصدها على ورقه نقدية كي لا ينساها أثناء ذهابه إلى السوق أو حتى السوبر ماركت، وهناك حديث آخر كهذا:
(ناجي علي الورافي – 770000000) وهذا حديث اجتماعي فوجود اسم أحدهم ورقم هاتفه يعزز من الصلات الاجتماعية ببعضنا البعض و يغمسها بالمشاكل، خاصة إذا وضع رقم فتاة بدلاً من رقم ناجي بحركة نذالة من الشخص الذي خطّ الرقم على الورقة النقدية..
وإضافة إلى كتابة الأشعار والأغاني والمصطلحات السخيفة قد تجد البعض لا يكتب عليها ولكنه يعبث فيها بشكلٍ آخر فتجد أحدهم يقوم بسحب خيط ينتصف العملة الورقية فتبدو مزورة أو يمزّق أطرافها ويعود لإلصاقها أو يعبث بشكلها وحجمها فتغدو العملة مُتعبة وسيئة جداً ولكنها تتناقل بأيدينا.. هذا بالإضافة إلى العبث بالعملات المعدنية(العشرة والعشرين) فتجدها أحياناً وكأنها خارجة من حرب عالمية رابعة وحالتها ترثى لها ولو تعرف طريق المحكمة لذهبت!
لا أعلم لماذا يحدث كل هذا، هل نحن شعب يهتم بالكتابة لدرجة الكتابة على الورق النقدية حد العبث أم أن العملة اليمنية سقطت من اهتمامنا بعد أن تدهورت قيمتها وبات الجميع يستخفون بمنظرها الذي بات يلفت الأجانب وربما يستدرجهم للاحتفاظ بها في بلادهم بدافع الاندهاش!
الشيء الآخر الذي بات مزعجاً هو سلوك الكتابة المستفزة في الأماكن العامة ومقاعد وطاولات المطاعم وجدران المساجد والمدارس فأينما تحل تجد (ذكريات فلان بن فلان) و (فلان يحب فلانه) و (الشعب يريد إسقاط الكباب) و دعوات زفاف بالجُملة تتوزع في كل شارع ، فتتحول الجدران إلى دفاتر ذكريات وسبورات للشخبطة والكلام الفارغ ورسائل تهاني وغرام ..
متى سيعي المواطن أن منظر عملته الورقية يعكس رقي فكره وثقافته ويمنح اسم بلده شرفاً آخر في البلدان الأخرى وكذلك الحال للجدران والكراسي والطاولات فهي الأخرى صورة أخرى لليمني واليمن بشكل عام ومتى سيتحرر فكره المقيّد والمحصور في زاويا المقايل ؟!
اليمن عنواننا لذا لا بد من تشريفها بالنضوج والنظافة والتماس الجمال في كل شبر فيها ....
أحلام المقالح
العُملة الورقية والجدران تتحدث ! 1967