مناسبات الأعياد كانت ولا زالت وستظل من أهم المناسبات العظيمة لِمَا يصاحبها ويسبقها من أنشطة روحية خاصة بالكبار ومن ترقب وتشوق من قبل الصغار، فالعادات والتقاليد الخاصة بالشعوب العربية والإسلامية متشابهة تقريباً إلا في بعض الأمور الصغيرة.
فالعيد مناسبة معتادة للحصول على ملابس جديدة لأفراد الأسرة وخصوصاً الأطفال، كما أنه مناسبة عظيمة تلتقي فيه القلوب والأرواح قبل الأجساد ويتم فيه مواساة الأرحام والفقراء والجود لهم من الموجود هذا فضلاً عن إخراج زكاة الأموال وزكاة الفطر في رمضان قبل حلول عيد الفطر المبارك.
وقد سُمِّيَ العيد بهذا الاسم لأنه يعود كل سنة بفرح متجدد .فعيد الفطر يأتي بعد أداء فريضة الصيام وعيد الأضحى يأتي بعد أداء فريضة الحج قال تعالى :(قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ) واليمنيون جزءٌ من الأمة العربية والإسلامية وقد آن لهم أن يُشْعِرُوا أنفسهم بالفرحة العظمى، حيث أنهم ولأول مرة يعيشون فرحة العيد الحقيقية كونه قَدِمَ عليهم بدون(صالح) الذي خرج من المشهد السياسي إلى الأبد. وهم بذلك قد حققوا أول هدف من أهداف ثورتهم الشبابية السلمية المباركة، حيث ظل اليمنيون (33 سنة) لا يفرقون بين سعادة وفرحة الأعياد الدينية وبين كآبة وضنك الأيام العادية فالكل عندهم سواء لكن اليوم للعيد عندهم حلاوة ومذاق , فرحة وسرور, زيارات وبذل وعطاء ومواساة . ومع فرحتنا الغامرة بالعيد إلا إننا نعترف بأن هذه الفرحة ما تزال منقوصة وغير مكتملة، وذلك بسبب افتعال العراقيل والعقبات الكأداء التي تقف حجرة عثرة أمام الرئيس الجديد(هادي) وحكومة الوفاق الوطني والتي هي في الأصل أحد سيناريوهات (بقايا العائلة) هذا بالإضافة إلى ما يعكر الأمزجة ويزعج الخواطر مما نراه ونشاهده يومياً من قتل وجرح وتشريد وهدم للبيوت على ساكنيها في سوريا من قبل الطاغية الأسد ونظامه المجرم الذي لم يَكُفّ شره عن شعبه حتى في رمضان والأعياد، فكل هذا وذاك عَكّرَ على اليمنيين أمزجتهم وقلل فرحتهم لان الرسول ـ صلى الله وعليه وسلم ـ يقول:(من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) فقد كان لكل أمة من الأمم عيد يفرحون فيه ويأنسون إليه وهو يتضمن عقيدة هذه الأمة أو تلك وأخلاقها وفلسفة حياتها.
وخص الله امة محمد صلى الله وعليه وسلم بعيدين عظيمين (الفطر والاضحى) المباركَيْن وكلاهما يأتي على رأس السنة.كما جعل لهم عيدا أسبوعيا هو الجمعة.
فالشعب اليمني يطمح إلى الفرحة المكتملة في الأعياد وغيرها ولم يعد يحتمل المزيد من الشقاء أو الضنك الذي عاشه زمنا طويلا، فالتغيير سنة كونية لا مناص منه ودوام الحال من المحال، واليمن بلد الجميع وملك الجميع وقد مضى زمن الاستئثار بالسلطة والثروة والوظيفة العامة وأصبح الناس شركاء بالجميع.
فليتقوا الله في أنفسهم خاصة في هذه الأيام المباركة بعد إتمامهم لصيام شهر رمضان المبارك .فلِلْعيد معناه الديني وهو شكر الله على تمام العبادة وله معناه الإنساني يوم تلتقي فيه قوة الغني وضعف الفقير على المحبة والرحمة والعدالة من وحي السماء عنوانها (الزكاة والرحمة والمواساة والتوسعة) وله معنى سياسي يتجلى في وحدة المسلمين وتعميقها في النفوس، فالأعياد الدينية تمثل بعداً روحياً ورمزاً إلاهِياً يحضى بتقديس الشعوب الإسلامية.
وها نحن في رحاب عيدٍ يحمل كل تلك المعاني السامية، فليحرص الجميع على التحلي بهذه المعاني ولنتجه بقلوب صافية وأخلاق رفيعة نحو بناء اليمن الجديد المشرق ولنبتعد عن المكايدات والمماحكات وافتعال الأزمات السياسية وعن الحقد والأنانية والحسد فهي أدواء تدمر ولا تصلح وتخرب ولا تبني وكل عام وانتم بخير .
أحمد محمد نعمان
عِيْدُ الفِطْرِ فَرْحَةٌ مَنْقُوْصَة!!! 2374