مدينتي التي لم تعرف العبوس يوماً, ولا التجهم في وجه زائرها ألبتة, تحتضن الجميع احتضان الأم الحنون لفلذة كبدها الغائب, العمل لأجلها شرف والمن عليها جريمة, عدن للتاريخ على جنباتها سفر طويل لا ينتهي , المسرة ديدنها وإن عظم الألم , أما بساطة أهلها ونقاء سرائرهم فالوصف لا يرقى لمقامهم الجليل فلن يفي مدحهم ما منحوه من نقاء وطيبة تفرض على كل من دلف عدن أن يتحلى بها.
لست هنا بصدد الإسهاب في مدح المدينة أو أهلها فكلاهما في غنى عن ذلك , ولكن لان للعيد بهجة ومسرة وأجد ذلك غير ذات طعم من غير أن تجدها في عدن ووجوه أهلها الطيبيني رغم ظروف المعيشة وقسوتها في ظل حالة ترقب الناس لقادم في لمح بصر يقلب تلك الظروف من عسر إلى رفاهية , وتزايد الضغوط في هذا الجانب تبقى عدن وأهلها متمسكين بأصالة معدنهم , يغرسون الأمل ويرعوه ليصبح كبيراً يليق بمقام هذه المدينة ويباهي بما يتحملون بصبر ما نجم عن تأخر انتشال بعض الخدمات جراء بعض المعوقات - التي سنتحدث عنها ذات يوما- ويبذلون جهودهم في المشاركة والبناء غير ملتفتين لمعاول الهدم . وأمام هذا التعاطي الخلاق يدفعوننا للعمل وبذل المزيد من الجهود، نختصر ساعات نومنا وأوقات راحتنا لننجز لعدن شيئاً وإن كان يسيراً, ونجدها مناسبة هنا لندعو الجميع لتحمل مسؤولياتهم تجاه مدينتهم فكلنا شركاء العمل لنهضة المدينة وحماية أهلها.
وهاهي أيام عيد الفطر المبارك تمنحنا فرصة تعميق أواصر محبتنا وعلاقتنا بعيداً عن أجواء المشاحنات أو الخلافات العقيمة والتي لا جدوى من وراءها سوى تقويض بنيان مدينتنا وبلدنا, المتغيرات كثيرة والشواهد لا تنفك تتوالى هنا وهناك , تؤكد أن من لا يخلص لربه ووطنه وشعبه ستعاقبه اللعنات ولن يجد للطريق هدى. لمواطني هذه المحافظة الباسلة أقول أدرك جيداً معاناتكم من عدم استقرار بعض الخدمات بصورة سريعة مما ينغص عليكم الفرحة, هذا الإدراك نابع من مشاركتي همومكم ومسؤوليتنا المباشرة عن كل شيء في محافظتنا الحبيبة, ومما يجب أن أؤكد عليه أنه لا تبريرات هناك البتة أمامنا تجاه مجتمعنا إذا لم نقدم لعدن وأبنائها الطيبين ما يستحق أن نسميه انجازاً غير الخدمات ومتطلبات العيش الكريم, والتي نعتبرها حقاً بسيطاً لكل المواطنين.
وأحب أن أشير هنا إلى أن تأخر تعافي بعض الخدمات وتحسينها عائد لعدة عوامل أبرزها أن المحافظة بشكل عام كانت تعيش حالة انهيار كلي في كل جوانبها والجميع يدرك تلك اللحظة المرعبة في تاريخها, إضافة إلى التأخر الناجم عن بعض الجوانب الخارجة عن الإرادة بسبب هذا الوضع الاستثنائي، عموماً تهاني حارة أوجهها لكل مواطني هذه المحافظة وأكبر فيهم روحهم الطيبة وخلقهم الرفيع، مجدداً العهد على أننا سنكثف كل جهودنا ونحشد الطاقات لنرتقي بالمحافظة في كل الجوانب فتعافي عدن هي فرحتنا الدائمة وعيدنا الكبير.
م. وحيد رشيد
عدن فرحة العيد 2037