لأول مرة يأتي العيد على اليمن وصالح ليس رئيساً لها، ولأول مرة تشهد اليمن السعيد قديماً وحديثاً الإطاحة برئيس يعد واحداً من أعتى رموز الاستبداد والظلم والفساد منذ أزمان عتيقة، وعبر ثورة شعبية لم تشهدها اليمن منذ أزمنة طويلة.. وأعتقد أنها الثورة الوحيدة التي كانت شعبية بامتياز شاركت فيها كل شرائح المجتمع المدني وصمدت وصابرت وصبرت ومازالت صابرة لتستكمل مسيرتها الثورية نحو تحقيق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة.
وكشاب من شباب الثورة وقبل ذلك أحد أبناء الوطن فقد خلقت وتربيت وكبرت ولم أعرف رئيساً لليمن سوى صالح اللاصالح، ولكن بحمد الله وبفضله ومن ثم بفضل الثورة الشبابية الشعبية السلمية ولأول مرة في حياتي وحياة الملايين من المواطنين يكون هذا العيد هو العيد الأول والذي وجدنا فيه رئيساً جديداً لليمن غير الوجه القبيح الذي اعتدناه منذ زمن طويل ولأنه كان حتى في عيد الفطر من العام الماضي رئيساً رغم اسقاطه شعبيا بإنطلاق شراراة الثورة في فبراير لكن المشهد اكتمل بخلعه نهائياً في فبرائر من العام الحالي وبدأت دورة شرعية جديدة لثاني رئيس شرعي في اليمن الجديد بعد الراحل/ فيصل بن شملان ـ يرحمه الله ـ وعيد الفطر هذا العام سيسجله الشباب الثائر ومعهم الكثير من أبناء الوطن في ذاكرتهم كأول عيد للثورة والثوار بدون صالح، صحيح بأن عيد الفطر من العام الماضي أتى ونحن في خضم الثورة
وزخمها وذروة سنامها والذي مثل فيه حضور الثوار في مثل ساحات الثورة وميادين الحرية بحشود كبيرة وضخمة فاقت التوقعات ومثلت رسالة كبيرة أربكت كل الحسابات التي كانت تخطط لتفجير الوضع عسكريااً عقب عيد الفطر المبارك آنذاك، ولعل ذاكرة كل واحد منا تحتفظ بالكثير من الصور
الإرشيفية لجموع الثورة في العام الماضي والتي لم تمح من ذاكرتنا أبد، وما أجملها من صورة ولوحة فنية وأنتم أيها الثوار مازلتم صابرين ومرابطين وبمثل هذا الجمع الكبير وقد حال الحول عليكم مرة أخرى تقولون للعالم مهما نلاقي ومهما يكن وسيكون لا بد وأن تتحقق أهداف ثورتنا وسنظل مرابطين وأعيننا ترقب تحقيق أحلام شهداءنا وجرحانا.
ومع ذلك أيها الثوار لا نستهين بما تحقق حتى اللحظة فلقد خلعنا صالح وقطع مشروع التوريث وإلى الأبد مهما تعلقت أوهام الحالمين بالتوريث فلن يعود التوريث لا من باب ولا من طاقة أو حتى بثياب الثورة السلمية والديمقراطية، ولقد سقط قبل هذا وذاك حاجز الخوف والرهبة لدى الشعب وهذا بحد ذاته هو الانتصار الأكبر للثورة وإن كان مثل هذا الانتصار هو معنوياً وليس محسوساً لكنه حارس أهداف الثورة على المدى القريب والبعيد ولقد تغيرت اليوم موازين القوى العسكرية ميدانياً فلقد أصدر هادي العديد من القرارات الهامة والشجاعة في سبيل تحرير الجيش والقوة العسكرية من أيدي العائلة وتحررت الكثير من البنوك والمنشآت التي كانت تمثل موارد مالية لعائلة صالح وأزلامه ولقد أقيل بعض أقارب صالح من مواقعهم وما زال القادم مليء بالكثير ومشوار الثورة لم يتوقف بعد.
صحيح هناك قصور وعجز هنا وهناك واختلات وتأخر في الإجراءات الاقتصادية لكن خزينة الدولة فارغة والجميع يدرك ذلك، وبقايا النظام تعرقل عملية التغيير وتشوهه بغرض تحميل حكومة الوفاق وهادي والثورة
المسؤولية ومع ذلك نقول لمن يحلم بعودة ما قبل 11فبرائر مستحيل أن تعود عقارب الزمن إلى الوراء مهما كانت عراقيلكم وعقباتكم فالثورة ماضية والتغيير سنة الله في الكون وإنه لزمن الشعب صاحب القول والكلمة الفصل.. وإنها لثورة حتى النصر.
محمود الحمزي
العيد الأول للثورة 1838