كم يسرقنا الوقت وكم هو صعب فراق ضيف عزيز سنظل نتحسر عليه ستة أشهر لننتظر بعدها خمسة أشهر نترقب قدومه مجدداً.
العيد أقبل إلينا باكراً بعد أن لملم رمضان أيامه وقلوبنا تتمنى لو يطول وهانحن على عتبة العيد.
في مجتمعنا العربي وعند أصحاب القلوب والضمائر الحية العيد ليس سعيداً على الإطلاق، بل هو مأساة نظراً لما نعانيه من ويلات الاقتتال، كالوجع السوري الذي يجعلني أرفض شخصياً أي تهنئة بالعيد، فالعيد الحقيقي لن يأت بعد وسأختزن كل فرحة ليوم يعم بها السلام كل العالم، غداً عيد يحل بمقدمه كل أصناف الأزمات الاقتصادية، في خضم تعطل أعمال الطبقة الكادحة بسبب مخربو البلد خصوصاً، المختصين بتخريب الكهرباء ومفجري الجثث الغالية.
العيد جاء.. لا إكرامية "رمضان، رئيس أو ملك" ولا منفذ للرزق سوى الأمل بالله الرزاق، فلعل وعسى أن يرسل فرج في ساعة لا يحتسب بها العبد شيء.
العيد جاء والقلوب متناحرة، ولم نعد نعي متى ستفهم مجتمعاتنا سنة الاختلاف وكيفية التعامل معها بأنها ليست معضلة أو عائق أمام درب المحبة .
مكتوب علينا أن نظل أسيري حسرة على الماضي الذي رحلت معه قيم خلاقة جميلة كانت تلطف حياتنا، لقد كان للعيد نكهة أخرى "كان عنا العيد غير" كانت تلتقي الأجساد بعناق طويل لتنبض القلوب بمحبة بعضها رغم الخلافات والاختلافات التي فرضتها سنة الحياة .
تهنا وضيعتنا قسوة الحياة، فصارت علاقاتنا ببعض جامدة محكومة بالمصالح ومطعمة بالمجاملات الزائفة والكلام المعسول .
وصلت حالتنا للأسف لإهمال أرحامنا وقطع صلتنا بها، تركنا عجائز تعاني قسوة الحياة وشظف العيش دون أن ننبس ببنت "واجب أخلاقي" تجاههم.
ومع هذا وذاك دعوا كل فرد فينا يعيد الماضي ولنبدأ بأرحامنا فهي فرصة لننطلق صوبهم بكل ضمير حي وبكل عاطفة، "الإنسان" وترك الحجج الواهية ولنصنع الفرحة في وجوه أرحامنا ولو بزيارة وكلمة طيبة وقبلة صادقة على جبينهم الطاهر.
× غصة وطن :
أي عيد بين أفواج المواجع سوف يأتي أي عيد..
جاءنا من وسط أشلاء الضحايا
من ركام الحرب
من قهر الشعوب
ننطوي وجعاً ..
نصلي.. يا إله.. يا إله.. يا إله ..
خلص الدنيا من الشر العتيق
ارحم الأطفال لا تحرم ثناياهم من التغريد في أيام عيد
الدماء على الدروب تملأ الساحات ..
تغسل الطرقات
ترعبنا، نموت..
أحمد حمود الأثوري
يا ريت يعود الزمن! 1994