حين تكون الثورة في حالة سكون تائه.. تغمرنا إب بحالة جرأة للإنقاذ بانضباط دون تفلّت!!، في تفاصيل استحقاقات المرحلة الانتقالية وجدنا أنفسنا في وضع الانتظار لقطار الحل حتى يمر ويهدينا وحيه، وتركزت غالبية الجهود في كل المستويات الثورية السياسية والإعلامية والاجتماعية على الأهداف العامة للثورة، خصوصاً تلك المتعلقة بإقالة بقايا العائلة من المؤسستين العسكرية والمدنية.. هكذا إذاً نحن حاصرنا الثورة في بوتقة (الأهداف العامة للثورة) وجعلناها تحت الإقامة الجبرية.. نتيجة الصمت اللامبرر وسكون متعمد عن التحرك إزاء ما يحدث في المحافظة من ممارسات تهدف لإنهاك ما تبقى من أي قوة للدولة والإمعان في تعكير أجواء الحياة الاقتصادية والأمنية للناس من قبل (فلول النظام السابق) المسيطرة والمتحكمة بأدوات الدولة في المحافظة من رأس الهرم والمتمثل بالمحافظ ووكلائه ومدراء المكاتب التنفيذية بالمحافظة وإدارة جامعة إب وأعضاء المجالس المحلية والمشائخ والأعيان وكل من له مصلحة (بالحبل السري) الممتد إليه من علي صالح, وأتباعه، وفي ظل هذه الحالة الإنفلاتية اللامنطقية التي قد تؤدي بالمحافظة إلى المصير المجهول، فيما لو لم يتم تفادي هذه المشكلات كان لا بد من جرأة ثورية ممكنة تحقق أهداف الثورة على مستوى مديريات المحافظة إمتداداً للجرأة التي أبداها الرئيس الانتقالي عبدربه في قراراته الأخيرة بالقطاع العسكري والقطاع المدني .
حالة الوفاق السياسي في المحافظة بين المشترك والمؤتمر الشعبي مرت في طريق وعرة حتى وصلت إلى المفاصلة وأرجأ اللقاء المشترك المسؤولية كاملة على المؤتمر الشعبي نتيجة خروج الأخير عن بنود الوفاق والمبادئ التي التزم الجميع بالسير وفقها ، وإزاء ذلك خرج شباب الثورة في إب في مشهد جريء نابع من إيمانهم الكلي بضرورة الالتزام بالمسار الثوري الذي يحقق دولة العدالة الاجتماعية للجميع دون استثناء والتي من أجلها سار العشرات من شباب إب في (موكب الخالدون) في مختلف ساحات الوطن، وتحمّل أبناء هذه المحافظة الكثير من الويلات والعناء رغبة في الوصول إلى أهداف الثورة بالطرق السلمية الحضارية .
رؤية شباب الثورة بمحافظة إب للإصلاح والتغيير تعد استكمالاً للمشوار النضالي لهم الذي كانوا السباقين في إشعال الثورة، حيث اندلعت احتجاجات أبناء الجعاشن وتلاها الامتداد الثوري إلى كل أرجاء البلاد .
تأتي المشكلة الأمنية والانفلات الحاصل في المحافظة كأولوية ضرورية وحتمية للعلاج وذلك للحفاظ على السلم الاجتماعي والطابع الحضاري المدني للواء الأخضر، حيث ينظر شباب الثورة إلى ما يحصل يومياً أو بشكل متقطع في مديريات المحافظة لشيء يدعونا إلى الوقوف بحزم لإيقاف العبث بالوجه المشرق لإب .
( مافيا الموت ) في مديرية السبرة رأت الصمت من قبل السلطة المحلية عبارة عن قناة عبور إلى أرواح الضعفاء والمساكين من أهالي المديرية وعلى الرغم من وصول قضيتهم إلى السلطات المحلية إلى أننا لم نر نوراً يلوح بالأفق ... ، ومن مقتضيات المنطق أن الحل يكمن في إعادة الفاعلية للأجهزة الأمنية للدولة بالمحافظة وهو ما يعول عليه، خصوصاً بعد التعيين الأخير لمدير أمن للمحافظة من نفس المحافظة وهذا يدعو إلى تكاتف الجميع من شرائح المجتمع والإجماع على نبذ كل الأعمال الإجرامية ومساندة مدير الأمن الجديد في مهمته حتى نصل جميعاً إلى مرحلة تضييق الخناق على (أدوات الإجرام) وإيقافها عند حدها في كل مناطق الانفلات الأمني وبؤر الجريمة بالمحافظة .
إن النشاط الملحوظ لعصابات الإجرام في مديريات المحافظة ليجعلنا أمام مسؤولية جماعية لكسر (شوكة الشر) أينما وجدت وإعادة المسار الحضاري للواء الأخضر، فمتى كان لأنصار الشيطان من يسمون أنفسهم (أنصار الشريعة) وجود في المحافظة خصوصاً في مديرة الرضمة.. هنا يكمن الإلزام بالتحرك العاجل والسريع لوقف هذا الكابوس المفزع واستكمال عملية الضبط للحالة الأمنية وبسط هيبة الدولة في منطقة الرضمة والعدين والجعاشن وإعادة الحقوق لأهلها من (شبيحة صالح)!!.
إب حالة جرأة ممكنة في وضعها الأمني كون رصيدها في الاستقرار وافراً إلى حد ما، فهي ليست صعدة وليست أبين حيث التنازع بين وجود الدولة ووجود الميليشيات الطائفية العصبوية .
إب نسيج اجتماعي موحد إلى المستوى المطلوب وظهور النتوءات اللاعقلانية مؤخراً من بعض المغرضين هم في الحقيقة امتداد طبيعي (للشرالصالحي) تتجذر فيهم جذوة الاستبداد والظلم والسير وفق رؤى الطيش والعبث بديمومة إب المسالمة .. مقاعدهم في المكاتب التنفيذية بالمحافظة أو بالجامعة أو في المجالس المحلية وعلى كل الاعتبارات والمسميات (الشيخ باسم القبيلة ) أو (الشيخ باسم الدولة) كلها (دوائر شر) تسير في فلك الرئيس المخلوع وتحقق نواياه التدميرية في الانتقام من ثورية إب وخروجها من تفكيره السلبي (إب البطلة) إلى حقيقتها الإيجابية (إب الثورة والنضال) ، وفي ظل العودة السريعة المتكاتفة لكل من يريد الخير لإب من كل مكونات المجتمع بالمحافظة سنرى أحلام الفاسدين في سراب وسيعودون إلى أوكارهم يجرون ذيل الخزي والعار وهزيمة (مشروعهم الأناني) الشخصي أمام (المشروع التغييري) الحامل للدولة المدنية الحديثة وهو الثمرة الكبيرة لثورة الشباب الشعبية السلمية .
قليل من الجرأة وترتيب الأولويات والعمل المتواصل كفيلة باستيعاب الأفق التغييري للثورة وإسقاطه واقعياً على المحافظة في شتى الجوانب ولا يمكن لهذا الاتجاه أن يتمكن من السير بسلام حتى النهاية إلا في ظل توسيع حلقة الإصلاحات التغييرية لنرى وهجهاً يسطع من على كل مكون من مكونات المجتمع كمنظمات وهيئات وأحزاب حيث تتماشى معه أيضاً الشراكة الفعلية بين القطاع العام والقطاع الخاص تؤدي إلى نتاج تغييري حقيقي يعيد البوصلة إلى اتجاهها الطبيعي ، ويجعل من إب منارة ثورية تغييرية تتصدر محافظات الجمهورية ثورة ، وبناء .
القطاعات السياحية والتعليمية والخدمية والصحية بالمحافظة تكاد تكون شبه معطلة بفعل الممارسات اللامسؤولة لذيل نظام (الرئيس المخلوع) الجاثمة على مراكز التحكم الإداري ومصدر القرار في هذه القطاعات الحكومية وهو ما يدعو مكونات الثورة سواءً السياسية أو الشبابية إلى إيجاد آلية واضحة تعيد لهذه القطاعات روح العمل للمصلحة العامة ، هذا قد يتطلب تشكيل لجنة ممثلة لأبناء المحافظة لتقديم رؤية التغيير والإصلاح إلى رئيس الجمهورية ومن ثم تفعيل أدوات الرقابة والمتابعة وبذل أقصى جهد ممكن لإخراج المحافظة مما هي عليه .
سليمان الحماطي
إب والجرأة الممكنة!! 2005