الصبر من أهم صفات المؤمنين الذين استثناهم الله من الخسارة في سورة العصر، وهو إحدى دعائم الإيمان، وقد ذُكر الصبر في القرآن الكريم في نحو تسعين موضعاً، وهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فلا إيمان لمن لا صبر له.
والصوم مدرسة، يحصل فيها المسلم على برنامج تدريبي إلزامي في الصبر، برنامج نظري وتطبيقي في نفس الوقت، والصبر على أنواع منها:
النوع الأول: صبر على الطاعات: وهو إما صبر بدني بامتناعه عن أكله وشربه وشهواته المباحة، ولا يريد بذلك إلا رضاء الله تعالى، وإما صبر على أداء الطاعات، والفرائض والنوافل، وممارسة السلوكيات والأخلاق الحسنة، فمنها معنوية غير محسوسة ومنها باللسان، ومنها ماشترك اللسان والبدن في أدائه.
النوع الثاني: صبر عن المعاصي: ومعلوم أن كل ممنوع مرغوب، لذا كان الصبر حاجة ملحة وضرورية لإيقاف النفس عند حدودها وإلزامها بمنهاج الشرع.
النوع الثالث: صبر على الابتلاءات والفتن والمحن، وهذا مالا يدخل تحت اختيار الإنسان من قضاء الله وقدره كالابتلاء في المال والأهل والولد.
وقد جاء في مختصر منهاج القاصدين في إشارة إلى الصبر: " إن كان صبراً عن شهوة البطن سمي عفة، وإن كان الصبر في قتال سمي شجاعة، وإن كان في كظم غيظ سمي حلماً، وإن كان في نائبة مضجرة سمي سعة صدر، وإن كان في إخفاء أمر سمي كتمان سر، وإن كان في فضول عيش سمي زهداً، وإن كان صبراً على قدر يسير من الحظوظ سُمي قناعة"
وبهذا نجد أن أكثر الأخلاق داخلة في الصبر، وإن اختلفت الأسماء باختلاف متعلقاتها، ولهذا قيل الإيمان نصفان: " نصفه شكر ونصفه صبر"
لذلك كان شهر الصيام من أهم دروسه التعود على الصبر والتصبر والمصابرة.
dr.hasanalrasne@gmail.com
د. حسن الراسني
رمضان .. مدرسة لتعلّم الصبر 1863